جميع أعمال الانسان ، فهو متراخ في الفضل عن فك الرقاب ، وإطعام السغبان ، فهو مؤخر في اللفظ مقدم في الفضيلة والرتبة ، على تباعد وتراخ ، يدل على ذلك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما سئل أي الأعمال أفضل؟ قال : « الإيمان بالله. قال ثم ما ذا؟ قال : برّ الوالدين قال : ثم ما ذا؟ قال : الجهاد في سبيل الله » ويدلّ أن ـ ثم ـ هاهنا لتراخي الرتب لا لتراخي الزمان لأن الإيمان شرط في اعتبار فك الرقاب وإطعام السغابى ، فلا يجوز أن يتقدم المشروط على شرط .. ومنه قال الشاعر.
إنّ من ساد ثم ساد أبوه
جاء بثم لتراخ بين السؤددين من الفضل.
ومنه قوله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ) على قول بعضهم قال جيء بثم لتفاوت ما بين نعمة التصوير ونعمة السجود لآدم ، قال : فإن إسجاد الملائكة له أكمل إحسان ، وأتم إنعام من التصوير. وقدر بعضهم ولقد خلقنا طينتكم ، ثم صورناكم في ظهر أبيكم ، ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم. وقال بعضهم نسبة الخلق والتصوير إلينا من مجاز نسبة ما يتعلق بالواحد إلى جماعة.
ومثاله قوله عز وجل : ( بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) نسب المعاهدة إلى الجماعة والمراد بها معاهدة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ومثل قوله تعالى : ( أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ ) نسب النكث إلى الكل وانما نكث بعضهم. ومثله قوله تعالى : ( وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ) ولم تقل اليهود كلها ذلك ، وكذلك النصارى ، لأن بعضهم قال ذلك وبعضهم قال : هو الله ، وبعضهم قال هو ثالث ثلاثة ، وقال بعضهم هو عبد الله ورسوله ، فنسب إلى الفريقين ما وجد من بعضهم. ومثله قول