القسم الرابع والعشرون
في براعة الاستهلال
وهو أن يذكر الانسان في أول خطبته أو قصيدته أو رسالته كلاما دالا على الغرض الذي يقصده ليكون ابتداء كلامه دالا على انتهائه ، كما قيل لكاتب أكتب إلى الامير وعرفه بأن بقرة ولدت حيوانا على شكل الانسان فكتب. أما بعد حمد الله الذي خلق الأنام في بطون الانعام. ومنه قوله تعالى : ( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ). ومنه قوله تعالى : ( بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ). ومنه في القرآن كثير .. وشرطه أن لا يبتدأ بشيء يتطير منه كقوله الاخطل :
اذا متّ مات الجود وانقطع النّدى |
|
ولم يبق إلاّ من قليل مصرّد |
ـ وان يجتنب التشبيب بالاسم المستكره كقول جرير :
وتقول بوزع قد دنيت لغيرنا |
|
هلاّ هويت لغيرنا يا بوزع (١) |
ـ بل يبتدئ بالمديح مثل قول أبزون العماني :
__________________
(١) هكذا في الاصل والمحفوظ :
وتقول بوزع قد دببت على العصا |
|
هلا هزئت بغيرنا يا بوزع |