القسم الثامن عشر
التعريض
وقد اختلف فيه مذاهب بعض علماء هذا الشأن ، فذهب بعضهم إلى أن الكناية والتعريض بمعنى واحد وبعضهم فرق بينهما .. قال ابن الاثير في جامعه في الكناية والتعريض إن لهذا النوع من الكلام موقعا شريفا ومحلا كريما وهو مقصور على الميل مع المعنى وترك اللفظ جانبا ، وذلك نوع من علم البيان لطيف ، وقد تكلم جماعة من المؤلفين في هذا الفن وخلطوا الكناية بالتعريض ولم يفرقوا بينهما ، بل أوردوا لهما من النظم والنثر وأدخلوا أحد القسمين بالآخر وذكروا للكناية أمثلة من التعريض ، وللتعريض أمثلة من الكناية فمنهم أبو محمد بن سنان الخفاجي وأبو هلال العسكري والغانمي ، فأما ابن سنان فإنه ذكر في كتابه قول امرئ القيس :
وصرنا الى الحسنى ورقّ كلامنا |
|
ورضت فذلت صعبة أيّ إذلال |
وهذا مثال ضربه للكناية عن المباضعة ، وهو مثال للتعريض. وسنورد لك أيها الناظر في كتابنا هذا فرقا بين الكناية والتعريض ، ونميز أحدهما عن الآخر فنقول وبالله التوفيق : إن الكناية هي أن يذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له كما كنى الله عز وجل عن الجماع بالمس فإن حقيقة المس هي الملامسة يقال مسست الشيء اذا لمسته ولما كان