مكانهن.
ومثله قوله تعالى : ( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً ) معناه كلما دخل مكانها أو محرابها.
السادس : ـ عن ـ وهي حقيقة في مجاوزة جرم عن جرم ، وتعديته عنه ، ثم يستعمل في المعاني على طريق التشبيه كقوله تعالى ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ) شبه انصراف البصيرة عن تأمل ذكره بانصراف المجاوز عما يجاوزه.
وكذلك قوله تعالى : ( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ) إن حمل على ترك القتال كان المعنى فانصرف عن قتالهم ، وإن حمل على غيره فمعناه تجاوز عن أذيتهم ، وفي الحديث تجاوز عما تعلم المعنى ترك المؤاخذة لأن المتجاوز عن الشيء تارك له ، وكذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم : « إنّ الله تجاوز لأمّتي عمّا حدّثت به أنفسها ».
السابع : حرف ـ من ـ وهي حقيقة في ابتداء غاية الأمكنة ، ويتجوز بها عن ابتداء الغاية في الأزمنة مثل قوله تعالى : ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ) فاستعملها غاية في الأزمنة لشبهها بالأماكن ، وكذلك تجوز بها عن التعليل في مثل قوله تعالى : ( مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا ) أي من أجل خطاياهم أغرقوا لأن ابتداء غاية المعلول صادر عن علة ، فشبه ذلك بابتداء الغاية بالمكان.
الثامن : حرف ـ ثم ـ ويستعمل حقيقة في تراخي الزمان والمكان ، ثم يتجوز بها في تراخي بعض الرتب عن بعض بالتباعد المعنوي ، فشبه التراخي المعنوي بالتراخي الزماني والمكان ، وهو في القرآن العظيم كثير. فمن ذلك قوله تعالى : ( ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) فجاء ـ بثم ـ للتراخي الذي بين الايمان والعمل الصالح ، فإن الايمان أفضل من