القسم الرابع والعشرون
في الجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظة واحدة
والجمع بينهما عند من رآه مجازا لأنه استعمال اللفظ في غير ما وضع له ، فإنه وضع للحقيقة وحدها ، ثم استعمل فيها وفي المجاز. وله أمثلة.
أحدها في قوله تعالى : ( أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) ـ ولعنة الله ـ ابعاد ـ ولعنة الملائكة والناس ـ دعاؤهم بالابعاد ، وقد جمعهما في لفظة واحدة ، ومن لا يرى ذلك يقدر أولئك عليهم لعنة الله ، ولعنة الملائكة فيكون من مجاز الحذف. والثاني منه قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ ) ـ الصلاة ـ حقيقة في الدعاء مجاز في اجابة الدعاء ، لأن الاجابة مسببة عن الدعاء فصلاة الملائكة حقيقة لأنها دعاء ، وصلاة الله من مجاز التعبير بلفظ السبب الذي هو الدعاء عن المسبب الذي هو الإجابة ، وقد جمع بينهما في قوله ـ إن الله وملائكته يصلون على النبي ـ فيكون الضمير في ـ يصلون ـ لله والملائكة وجمعه معهم في الضمير مستكره فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنكر على بعض خطباء العرب قوله ـ ومن يعصهما فقد غوى ـ وقال بئس خطيب القوم أنت. وقد جمع بينهما عليه الصلاة والسلام في قوله ـ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ـ وفي قوله عليه الصلاة والسلام ـ فإن الله ورسوله يصدّقانكم ويعذرانكم ـ وإنما أنكر على