القسم التاسع والاربعون
الغرابة .. والظرافة .. والسهولة
أما الغرابة فقال ابن قدامة .. هي أن يكون المعنى مما لم يسبق إليه على جهة الاستحسان فيقال ظريف وغريب ، وإذا كان عديم المثال ، أو قليله ، والقرآن العظيم كله سهل ممتنع ألفاظه سهلة ومعانيه نادرة وأسلوبه غريب قد مازجت القلوب عذوبته وحلت في العيون طلاوته ، وراق في الأسماع سماعه ، واستقر في الطباع انطباعه ، فلهذا لم يسأم على ترداده ولم تمله النفوس على دوام ايراده ، فكل آية منه حسنة المساق ، وكل كلمة منه عذبة المذاق ، وكل معنى منه دقّ ورقّ .. ومن هذا النوع في أشعار العرب المخضرمين والمتأخرين كثير لا يحصى .. فمن ذلك قول بعض العرب :
هوى صاحبي ريح الشمال إذا جرت |
|
وأشفى لقلبي أن تهبّ جنوب |
يقولون لو عزّيت قلبك لارعوى |
|
فقلت وهل للعاشقين قلوب |
ـ وقال آخر :
ولا تحسبنا هندا لها الغدر وحدها |
|
سجية نفس كلّ غانية هند |
فما خلف أجفاني شئون بخيلة |
|
ولا بين أضلاعي لها حجر صلد |