وأما الثاني فكقوله تعالى : ( ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ). وكقوله تعالى : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ) وكقوله تعالى : ( فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ) .. وأما المجاز فكقوله تعالى : ( فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) واستعمال هذا مجازا أحسن .. وأما الذي في الجمل فأقسامه أربعة : الأول أن تذكر أشياء كل واحد منها يخص بما لولاه لكان المفهوم من الكل واحدا كقول أبي تمام :
من منّة مشهورة وصنيعة |
|
بكر وإحسان أغر محجل |
ولو قال ـ من منة وصنيعة واحسان ـ كان المعنى واحدا. وكذلك قوله :
وليّ سجيّات تضيف ضيوفه |
|
ويرجى مرجيّه ويسأل سائله |
وكل هذه دلالة على زيادة كرمه .. والثاني : الاثبات والمنفي : وهو أن يذكر الشيء اثباتا ونفيا مع زيادة لولاها لكان ذلك تكرارا وتناقضا كقوله تعالى : ( وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ ). وكذلك قوله تعالى : ( لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ) مع قوله : ( إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ) .. الثالث : أن تذكر الشيء ، ثم تضرب له أمثالا تشتهى كقول البحتري يصف امرأة :
ذات حسن لو استزادت من الحسن إليه لما أصابت مزيدا فهي كالشمس بهجة والقضيب اللّدن قدّا والرّيم طرفا وجيدا
ـ وكذلك قوله :