الكلام ، فإن أصله في وضع اللغة من أطنب في الكلام إذا بالغ فيه كما تقدم.
الرابع : فيما يستحسن فيهما وما يستقبح. أما الذي يستقبح منهما فهو أن يطنب فيما لا ينبغي فيه الإطناب ويطوّل فيما ينبغي فيه الايجاز أو يطول فيما ليس في إطالته فائدة ولا فيه زيادة معنى كما روي أن رجلا استدعى لأداء شهادة على نكاح فقال : أشهد ان لا إلا إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وأشهد أني كنت في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا في الدار الفلانية ( ووصفها ) من الحارة الفلانية ( ووصفها ) وسمى الساكنين بها من البلد الفلاني وقت كذا من النهار ، وقد طرق الباب غلام وذكر جنسه وأوصافه وحكاية تطول جدا .. وهذا النوع من الإطالة ليس في القرآن العظيم منه شيء.
وأما الذي يستحسن منهما فهو إطالة الكلام وترديده لتقوية المعنى في النفس وتعظيمه والبيان قوة الملكة في التلعّب بالكلام ، أو لكون المخاطب لا يصل الكلام الموجز إلى فهمه فهو محتاج الى بسط الكلام واتساعه حتى يفهم.
الخامس : في أقسامهما. أما أقسام الاسهاب والإطناب فقد اختلف فيه علماء علم البيان فقالوا : لا يخلو إما أن يكون في جملة واحدة أو في جمل. فأما الذي في جملة واحدة فعلى قسمين : حقيقة ومجاز. أما الحقيقة فقد يكون معنى اللفظ الزائد هو معنى المذكور ، ويكون مغايرا له. أما الأول : فكقوله تعالى : ( فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً ). وكقوله تعالى : ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ) وكقوله تعالى : ( تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ).