وغير ذلك ينبغي أن تكون مشبعة مستقصاة.
وأما كتاب المهلب إلى الحجاج في فتح الازارقة وهو ـ الحمد لله الذي كفى الاسلام فقد ما سواه وجعل الحمد متصلا بنعمه وقضى أن لا يقطع المزيد من فضله حتى ينقطع الشكر من خلقه ، ثم إنا وعدوّنا على حالين مختلفين نرى فيهم ما يسرنا أكثر مما يسوؤنا ويرون فينا ما يسوؤهم أكثر مما يسرهم فلم يزل ذلك دأبنا ودأبهم ينصرنا الله ويخذلهم ويمحصنا ويمحقهم حتى بلغ الكتاب أجله فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ـ فإنما حسن هذا الكتاب لكونه في موضعه.
وأما لو كتب إلى العامة وقد تطلعت نفوسهم إلى معرفة ذلك الفتح العظيم ، وتصرفت بهم ظنونهم في أمره لجاء في أقبح صورة عندهم وأهجنها.
واعلم أن الاطناب بلاغة والتطويل عيّ فإن الاطناب بمنزلة سلوك طريق بعيدة تحتوي على زيادة فائدة بما تأخذ النفس منه من اللذة والتطويل بمنزلة شكوك ما يبعد جهلا بما يفوت ، فهذا حكاية كلام أبي هلال العسكري .. وقد ذكر ابن الاثير في جامعه على قول أبي هلال مأخذا فقال أما قول أبي هلال الاطناب في الكلام إنما هو بيان ، فإن البيان في أصل اللغة هو الظهور والوضوح فيكون الاطناب على قوله ظهورا في الكلام ووضوحا لا غير ، ويلزم على ذلك أن كل كلام ظاهر واضح إطنابا سواء كان ذلك الكلام ايجازا أو غيره من أصناف علم البيان ، وهذا مما لم يذهب اليه أحد لأن أبا هلال قد جعل الاطناب وصفا من الاوصاف التي يشترك فيها جميع ضروب الكلام ، وذلك أن البيان وصف يعم كل كلام ظاهر واضح من ايجاز أو تطويل أو تكرير أو غير ذلك ، وليس الأمر كما وقع له بل الاطناب نوع واحد من أنواع