ذلك الوقوع في المفسدة فيما لو كان المشكوك خمرا واقعا.
وذاك القانون بحرمة كل مشكوك الذي هو عبارة اخرى عن جعل اصالة الاحتياط او ذاك القانون باباحة كل مشكوك الذي هو عبارة اخرى عن جعل اصل البراءة هو ما يصطلح عليه بالحكم الظاهري ، فاذا سئلنا عن حقيقة الحكم الظاهري كان الجواب انه الحكم الثابت حالة الشك الناشىء بسبب تقديم الملاك الاهم.
ولو فتّشنا عن ملاك الحكم الظاهري باباحة المشكوك او حرمته وجدنا ان ملاكه نفس ملاك الحكم الواقعي بمعنى ان مفسدة الخمر التي هي الملاك لتشريع الحرمة الواقعية هي بنفسها الموجب لتشريع الحكم الظاهري بحرمة كل مشكوك ، فهي على هذا سبب لنشوء حكمين ، فانها سبب للحكم الواقعي بحرمة الخمر وسبب للحكم الظاهري بحرمة كل مشكوك.
ومن هنا اتضح توجيه المقالة السابقة وهي ان ملاك الحكم الظاهري لا يغاير ملاك الحكم الواقعي بل هو هو.
وبهذا البيان يندفع الاشكال الاول لابن قبة حيث كان يقول : ان تشريع حجيّة الامارة والاصل يلزم منه اجتماع حكمين : الواقعي والظاهري ، ووجه الاندفاع : ان الاجتماع المذكور لا محذور فيه ، فان الحكمين بما هما اعتباران لا تنافي بينهما لسهولة مؤونة الاعتبار ، وان لا حظنا مبادىء الحكمين فلا اجتماع لها ، حيث ان الحكم الظاهري ليس له مبادىء مستقلّة ليلزم اجتماع المبدأين المتماثلين او المتضادين ، كما ولا يلزم صيرورة الشيء الواحد محبوبا ومبغوضا ، فان الخل الواقعي محبوب واقعا ولا يلزم بجعل الحرمة على السائل المشكوك صيرورته ـ الخل الواقعي ـ مبغوضا ، فان الحكم المذكور لم ينشأ عن مبغوضية الخل بل هو