ولكنه يلزم اجتماعهما في نظر القاطع ، فان القطع في نظر القاطع مصيب دائما والاّ لم يكن قاطعا ، وعليه فاجتماع المتناقضين في نظر القاطع امر لازم سواء كان القطع مصيبا واقعا او لا ، وان كان اجتماعهما في عالم الواقع مختصا بصورة الاصابة.
واما انه لا يمكن الترخيص الظاهري فذلك لان الحكم الظاهري حكم مجعول حالة الشك في الحكم الواقعي ، فعند الشك في ان هذا السائل محرم أو لا يكون الحكم المجعول بالاباحة حكما ظاهريا ، اما مع القطع بحرمة السائل كما هو المفروض في حديثنا فلا يكون الحكم المجعول حكما ظاهريا.
وقد تقول : لو فرض ان الله سبحانه اطلع بعلمه الغيبي على ان اكثر الناس الذين يقطعون بالحرمة مخطئون ، وعلى سبيل المثال اطّلع على ان ٩٩% من القاطعين بالحرمة مخطئون وان الثابت في تلك الموارد هو الاباحة دون الحرمة ، فاذا تمت هاتان الفرضيتان ، فلماذا لا يمكن صدور خطاب من الشارع يقول فيه : يا ايها القاطعون بالحرمة انتم مرخصون في مخالفة قطعكم. ان مثل هذا الخطاب وان لم يمكن تسميته بالحكم الظاهري حسب المصطلحات الاصولية ـ لأن الحكم الظاهري يختص بحالة الشك ـ الاّ انه حكم يحمل روح الحكم الظاهري ، فان الحكم الظاهري يرجع في روحه الى الحكم المجعول لغرض التحفظ على الملاك الواقعي الاهم ، والحكم المفروض في المقام كذلك ، وعدم تسميته بالحكم الظاهري غير مهم ، فان علينا الاخذ باللب دون القشور.
والجواب : ان تشريع مثل هذا الحكم لغو لأن اي قاطع بالحرمة حينما يسمع الحكم المذكور يقول : انه ليس موجها اليّ ، بل موجّه الى القاطع المخطىء وانا لست مخطئا في قطعي ، اذ القاطع لا يحتمل لحظة من اللحظات ان قطعه مخطىء والاّ لم يكن قاطعا ، فيبقى التشريع المذكور مرفوضا لدى الجميع فيكون لغواً.