وباتضاح هذا نقول : ان الدليل الدال على حرمة العصير تارة يفرض كونه مفيدا للقطع بالحكم كما هو الحال في الخبر المتواتر واخرى يفرض افادته للظن كما هو الحال في خبر الثقة.
فان فرض افادته للقطع جاز نسبة الحكم الى الله سبحانه من دون لزوم محذور حرمة الكذب ولا محذور حرمة التشريع لان المفروض حصول القطع بالحكم.
اما اذا فرض افادته الظن فلا اشكال في جواز نسبة الحجّية الى الشارع فنقول : حكم الشارع بحجّية خبر الثقة لان الحجّية ـ التي هي حكم ظاهري ـ لا تثبت الا بالقطع فما لم نقطع بحجّية الخبر فلا يكون حجّة لما تقدم من ان الظن لا يكون حجّة الا مع القطع بحجّيته ، وهذا مما لا اشكال فيه وانما الاشكال في جواز نسبة حرمة العصير الى الشارع بعد فرض عدم القطع بها.
والصحيح هو التفصيل بين الحرمتين فحرمة الكذب منتفية بينما حرمة التشريع ثابتة.
اما ان حرمة الكذب منتفية فلأن القطع بالنسبة اليها طريقي اي لوحظ بما هو منجّز ومعذّر ، ومن الواضح ان الامارة منجّزة ومعذّرة كالقطع الطريقي فكما انه لو قطع المكلّف بثبوت حرمة العصير جازت نسبتها الى الشارع وكان معذورا على تقدير عدم ثبوتها واقعا كذلك لو قامت الامارة على الحرمة جازت نسبتها الى الشارع وكانت الامارة عذرا على تقدير عدم ثبوتها واقعا.
ولرب قائل يقول : ان الحرمة الاولى ثابتة لعنوان الكذب فلا بد من احراز انتفاء الكذب لتنتفي بذلك الحرمة ، ومجرّد كون الامارة منجّزة ومعذّرة لا يجدي لنفي عنوان الكذب.