كما تنظّر فيما ذهب إليه القاضي الأرموي وصاحب الصحائف من أنّ موضوعه ذات الله تعالى. وسكت الأسترآبادي عمّا ذهب إليه أكثر المتأخّرين من أنّ موضوعه هو المعلوم من حيث يتعلّق به إثبات العقائد الدينية.
المقدّمة الثالثة :
في فائدة علم الكلام ، وأنّه يسهم في رقيّ المسلم ورفعه من حضيض التقليد إلى ذروة اليقين ، واسترشاد المسترشدين ـ بإيضاح الحجج لهم ـ إلى عقائد الدين ، وإلزام المعاندين بإقامة الحجّة وحفظ قواعد الدين من أن تزلزلها شبه المغرضين.
المقدّمة الرابعة :
يمكن اعتبار علم الكلام قطبا تدور عليه كلّ العلوم الشرعية ؛ لأنّها تستند إليه استناد الفروع إلى الأصول ، فإنّ أدلّته يقينية يحكم صريح العقل بصحّة مقدّماتها ، ويؤيّدها النقل الذي هو في غاية الوثاقة ، فالعلوم تستمدّ منه وهو لا يستمدّ منها.
المقدّمة الخامسة : في التمييز بين أصول الدين وأصول المذهب.
وهي مسألة رأى الأسترآبادي رحمهالله أن يشبعها بحثا وتدقيقا ؛ نظرا للخلط الكثير بينهما ، ولترتّب أحكام كثيرة عليهما.
فالمشهور عندنا ـ نحن الشيعة ـ أنّ أصول الدين خمسة :
التوحيد الذي يعني كمال الواجب بالذات في الذات.
والعدل بمعنى كمال الواجب بالذات في الأفعال.
والنبوّة التي هي رئاسة إلهية ـ بالأصالة في الجملة ـ للبشر المعصوم الأكمل على المكلّفين فيما يتعلّق بأمور دينهم ودنياهم.
والإمامة التي هي أيضا رئاسة إلهية عامّة على وجه النيابة الخاصّة للبشر المعصوم المنصوص الأعلم بعد الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله على جميع المكلّفين فيما يتعلّق بأمور دينهم ودنياهم.
والمعاد الذي يعني رجوع الأرواح إلى الأجساد لنيل الجزاء ثوبا أو عقابا.
لقد حاول الأسترآبادي في هذه المقدّمة أن يضع خطّا فاصلا بين أن يكون العدل والإمامة من أصول المذهب أو من أصول الدين ؛ وذلك بإيضاح الفرق بين العدل المقابل