والمتكلّمون استدلّوا على قولهم بوجوه :
الأوّل : أنّ كل فرد حادث ، فالمجموع كذلك.
واستضعفه العلاّمة بأنّه لا يلزم من حدوث كلّ فرد حدوث المجموع (١).
وفيه نظر.
الثاني : أنّها قابلة للزيادة والنقصان ، فتكون متناهية.
وأورد عليه النقض بمعلومات الله تعالى ومقدوراته ، فإنّ الأولى أزيد من الثانية ؛ لأنّ ذاته تعالى وصفاته الذاتيّة معلومة لله تعالى وليست مقدورة مع أنّه لا يلزم تناهيهما.
الثالث : برهان التطبيق ، وهو أن تؤخذ جملة الحركات من الآن إلى الأزل جملة ، ومن زمان الطوفان إلى الأزل جملة أخرى ، ثمّ تطبّق إحدى الجملتين بالأخرى ، فإن استمرّ إلى ما لا يتناهى كان الزائد مثل الناقص ، وهذا خلف. وإن انقطع الناقص فيكون متناهيا فيتناهى الزائد أيضا ؛ لأنّه إنّما زاد بمقدار متناه ، والزائد على المتناهي بمقدار متناه يكون متناهيا.
الرابع : برهان التضايف ، وهو أنّ كلّ حادث يوصف بإضافتين متقابلتين هما السابقيّة والمسبوقيّة ؛ لأنّ كلّ واحد من الحوادث غير المتناهية يكون سابقا على ما بعده ولاحقا لما قبله ، والسبق واللحوق إضافتان متقابلتان ، وإنّما صحّ اتّصافه بهما ؛ لأنّهما أخذتا بالنسبة إلى شيئين ، واختلاف الجهة كاف في عدم امتناع اجتماع المتقابلين في ذات واحدة.
إذا عرفت هذا ، فنقول : إذا اعتبرنا الحوادث المبتدأة من الآن تارة من حيث إنّ كلّ واحد منها سابق ، وتارة من حيث إنّه بعينه لاحق ، كانت السوابق واللّواحق المتباينتان بالاعتبار متطابقتين في الوجود ، ولا يحتاج في تطابقهما إلى توهّم
__________________
(١) « كشف المراد » : ١٧٢.