قال : ( وللزم عدم التناهي في كلّ مرتبة من مراتب الأعداد ).
أقول : هذا وجه ثالث.
وتقريره : أنّ الإضافات لو كانت موجودة في الأعيان لزم أن تكون كلّ مرتبة من مراتب الأعداد تجتمع فيه إضافات وجوديّة لا تتناهى ؛ لأنّ الاثنين نصف الأربعة ويحصل له بذلك الاعتبار إضافة النصفيّة ، وثلث الستّة ويعرض له بهذا الاعتبار إضافة أخرى ، وهكذا إلى ما لا يتناهى ، وهو محال.
أمّا أوّلا : فلما بيّنّا من امتناع وجود ما لا يتناهى مطلقا.
وأمّا ثانيا : فلأنّ تلك الإضافات موجودة دفعة ومرتّبة في الوجود باعتبار تقدّم بعض المضاف إليه على بعض ، فيلزم اجتماع ما لا يتناهى دفعة مرتّبة ، وهو محال اتّفاقا.
وأمّا ثالثا : فلأنّ وجود الإضافات يستلزم وجود المضاف إليه ، فيلزم وجود ما لا يتناهى من الأعداد دفعة مع ترتّبها ، وكلّ ذلك ممّا برهن على استحالته.
قال : ( وتكثّر صفاته تعالى ).
أقول : هذا وجه رابع.
وتقريره : أنّ الإضافات لو كانت وجوديّة لزم وجود صفات الله تعالى متكثّرة لا تتناهى ، لأنّ له إضافات لا تتناهى ، وهو محال.
وقد يستدلّ (١) بأنّه لو وجدت الإضافة لزم اتّصاف ذات البارئ تعالى بالحوادث ؛ لأنّ له مع كلّ حادث إضافة ، ولا شكّ أنّها إنّما تحدث بعد حدوث الحادث.
وأجيب عن الوجوه المذكورة : بأنّ (٢) القائل بوجود الإضافة لا يقول بوجود
__________________
(١) انظر : « المباحث المشرقيّة » ١ : ٥٦٢ ؛ « نهاية المرام » ٢ : ٣٤٩ ـ ٣٥٠ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ١٦٠ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٨٩ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٥٦.
(٢) هذا الجواب هو الاعتراض على الوجه الثاني من المسألة كما ذكرهما العلاّمة في « نهاية المرام » ١ : ٣٤٨ ، لكن الموجود في غير « نهاية المرام » هو أنّ هذا جواب عن كلّ الوجوه من قبل الحكماء ، كما في « شرح المواقف » ٦ : ١٦١ ـ ١٦٢ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٨٩ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٥٦.