مماثله. وإن كانت ذات طعم مضادّ لم تؤدّ الكيفيّة على صرافتها [ في الصحّة ] (١) كما في المرض ؛ فإنّ الممرور يجد طعم العسل مرّا وكذا غير ذلك.
قال : ( ومنه الشمّ ، ويفتقر إلى وصول الهواء المنفعل من (٢) ذي الرائحة إلى الخيشوم ).
أقول : الشمّ قوّة في الدماغ تحملها زائدتان نابتتان من مقدّم الدماغ في الخيشوم شبيهتان بحلمتي الثدي ، ويفتقر إلى وصول الهواء المنفعل من ذي الرائحة إلى الخيشوم (٣) ، أو وصول أجزاء من ذي الرائحة إليه ؛ لأنّه إنّما يدرك بالملاقاة.
وقد ذهب قوم إلى أنّ الشمّ إنّما يكون بتحلّل أجزاء الجسم ذي الرائحة وانتقاله مع الهواء المتوسّط إلى الحاسّة (٤).
وقال الآخرون : إنّ الهواء المتوسّط يتكيّف بتلك الكيفيّة لا غير ، وإلاّ لنقص وزن الجسم ذي الرائحة باستشمامها (٥).
المصنّف رحمهالله نبّه بكلامه على تجويز الأمرين ؛ لأنّ الشمّ يحصل بكلّ واحد منهما.
قال : ( ومنه السمع ، ويتوقّف على وصول الهواء المنضغط إلى الصماخ ).
أقول : السمع قوّة مودعة في العصب المفروش في مقعّر الصماخ.
وقد ذهب قوم (٦) إلى أنّ السمع يحصل عند تأدّي الهواء ـ المنضغط بين القالع
__________________
(١) الزيادة أثبتناها من « كشف المراد » : ١٩٥.
(٢) في « تجريد الاعتقاد » و « كشف المراد » المطبوعين : « أو » بدل « من ».
(٣) هو قول الجمهور على ما في « شرح المقاصد » ٣ : ٢٧٤ و « شرح تجريد العقائد » : ٢١٠ ، وبه قال الشيخ في « الشفاء » ٢ : ٦٧ و « النجاة » : ١٥٩.
(٤) انظر : « الشفاء » ٢ : ٦٢ ، كتاب النفس ، الفصل الرابع من المقالة الثانية ؛ « شرح المواقف » ٧ : ١٩٩ ؛ « شرح المقاصد » ٣ : ٢٧٤.
(٥) منهم الإيجي في « المواقف ». انظر : « شرح المواقف » ٧ : ١٩٩ ، وقال الفخر الرازي بعد نقل القولين : « والحقّ أن كلا المذهبين صحيح » كما في « المباحث المشرقيّة » ٢ : ٢٩٥.
(٦) لمزيد الاطّلاع حول هذا المبحث راجع « الشفاء » ٢ : ٧٠ ـ ٧٦ ؛ « التحصيل » : ٧٥٣ ـ ٧٥٧ ؛ « المباحث المشرقيّة »