وإليه أشار بقوله : « وتضادّ الأوّلين التضادّ » أي : وتضادّ المبدأ والمنتهى يقتضي التضادّ.
ولا يمكن التضادّ بالاستدارة والاستقامة ؛ لأنّهما غير متضادّين ؛ لعدم تصوّر غاية الخلاف بين المستقيم والمستدير ، وكذا بين المستديرتين كما أفادوا (١).
قال : ( ولا مدخل للمتقابلين والفاعل في الانقسام ).
أقول : الحركة تنقسم بانقسام الزمان ؛ فإنّ الحركة في نصف الزمان نصف الحركة في جميعه مع التساوي في السرعة والبطء. وبانقسام المتحرّك ؛ فإنّها عرض حالّ فيه ، والحالّ في المنقسم يكون منقسما. وبانقسام ما فيه ، أعنى المسافة ؛ فإنّ الحركة إلى منتصفها نصف الحركة إلى منتهاها.
ولا مدخل للمتقابلين ـ أعني المبدأ والمنتهى ـ في الانقسام ، ولا الفاعل ، أعني المحرّك [ وذلك ] كلّه ظاهر.
قال : ( وتعرض لها كيفيّة تشتدّ ، فتكون الحركة سريعة ، وتضعف فتكون بطيئة ، ولا تختلف بهما الماهيّة ).
أقول : تعرض الحركة كيفيّة واحدة تشتدّ تارة وتضعف أخرى ، فتكون الحركة باعتبار شدّتها سريعة وباعتبار ضعفها بطيئة.
ويعبّر عن السرعة بأنّها كيفيّة تقطع بها الحركة المسافة المساوية في الزمان الأقلّ ، أو المسافة الأطول في الزمان المساوي أو الأطول. وعن البطء بأنّه كيفيّة تقطع بها الحركة المسافة المساوية في الزمان الأطول ، أو المسافة الأقصر في الزمان المساوي أو الأطول.
ولا تختلف ماهيّة الحركة بسبب اختلاف السرعة والبطء ؛ لأنّ السرعة والبطء
__________________
(١) « الشفاء » الطبيعيّات ١ : ٢٨٥ ـ ٢٨٩ ؛ « النجاة » : ١١٢ ـ ١١٤ ؛ « التحصيل » : ٤٤١ ـ ٤٤٣ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٧٢٨ ـ ٧٢٩ ؛ « مناهج اليقين » : ٥٨ ـ ٦٠ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ٤٥٣ ـ ٤٥٦ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ٢٤٤ ـ ٢٤٧ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٤٤٢ ـ ٤٤٣.