على يد هولاكو (١).
إلاّ أنّه رغم كلّ هذه الأوضاع السيّئة فقد راجت في أيّام فتح علي شاه سوق العلم والأدب ، وبرز كثير من جهابذة العلم ، وصنّفوا في مختلف العلوم ، ومنهم المولى محمّد جعفر الأسترآبادي مؤلّف هذا الكتاب.
بعض الملامح عن شخصيّته
عرف الأسترآبادي رحمهالله بالتحقيق والتدقيق وكثرة المصنّفات ، كما عرف بشدّة التقوى والورع والاحتياط في أمور الدين حتّى ضرب به المثل في ذلك.
جاور الأسترآبادي أرض كربلاء المقدّسة سنين عديدة إلى زمن محاصرة داود باشا لها وتخريبها ، فاضطرّ للانتقال إلى الريّ ، التي هي الآن من توابع طهران ، فمكث فيها ما يقرب من عشرين سنة ، مشتغلا بالإمامة والتدريس والقضاء والإفتاء إلى أن وافاه الأجل المحتوم إثر مرض عضال.
امتاز رحمهالله بجودة التحرير وحسن التقرير وطلاقة اللسان ، فكان ماهرا في جذب الناس وهدايتهم ، متّبعا في ذلك أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ، فأجرى الله تعالى على يديه هداية خلق كثير من عباده.
عبّر عنه بعض المجتهدين بـ « الاثني عشري في شرائط الاجتهاد » ذلك لأنّه كان يقول : إنّ شرائط الاجتهاد اثنا عشر : العلوم العربية الأربعة التي تشمل الصرف ، النحو ، البيان واللغة ، وعلم البلاغة ، وكذا المنطق والرجال والفقه والأصول والتفسير والكلام وعلم الحديث. وقد جمعها في كتابه « جامع الفنون ».
كان للأسترآبادي رحمهالله هيبة وجلالة في قلوب العلماء والأمراء كما في قلوب عامّة الناس ، حتّى أنّ الحاجّ الكرباسي ـ المعاصر للسيّد محمّد باقر الرشتي ـ لم يصرّح باجتهاد أحد بعد السيّد الرشتي ، إلاّ أنّه صدّق اجتهاد « شريعتمدار الأسترآبادي » والتزم بما كان يحكم به (٢).
__________________
(١) انظر : المصدر السابق : ٤٩٨.
(٢) انظر : « ريحانة الأدب » ٣ : ٢٠٨.