فاعلان هما البارئ تعالى والنفس ، وواحد منفعل غير حيّ هو الهيولى ، واثنان لا حيّان ولا فاعلان ولا منفعلان هما الدهر والخلاء (١).
فأمّا قدمه تعالى : فهو ظاهر.
وأمّا النفس والهيولى : فلاستحالة تركّبهما عن المادّة ، وكلّ حادث مركّب.
وأمّا الزمان : فلاستحالة التسلسل اللازم على تقدير عدمه.
وأمّا الخلاء فرفعه غير معقول.
واختار ابن زكريّا الرازي الطبيب هذا المذهب (٢). واختار المصنّف المحقّق ما هو الحقّ الحقيق وبالقبول يليق ، من أنّه ليس في الوجود قديم لا بالذات ولا بالزمان سوى ذات الله تعالى ، وأنّ صفاته تعالى ليست بزائدة على ذاته ، كما ذهب إليه الحكماء والإماميّة والمعتزلة.
وبالجملة ، فما عدا هذا المذهب باطل ، بل قالوا : إثبات القدماء كفر ، والنصارى إنّما كفروا لمّا أثبتوا مع ذاته تعالى صفات ثلاثا قديمة سمّوها أقانيم هي : العلم والوجود والحياة ، فكيف لا يكون كذلك من أثبت مع ذاته صفات سبعا أو أكثر!؟
ودليل المختار أنّ كلّ ما سوى الله تعالى ممكن متغيّر ، وكلّ ممكن متغيّر حادث. وسيأتي تقريرها.
المسألة التاسعة والثلاثون : في عدم وجوب المادّة والمدّة للحادث.
قال : ( ولا يفتقر الحادث إلى المدّة والمادّة ، وإلاّ لزم التسلسل ).
أقول : ذهب الفلاسفة إلى أنّ كلّ حادث مسبوق بمادّة ومدّة (٣).
__________________
(١) « نقد المحصّل » : ١٢٥ ـ ١٢٧ ؛ « نهاية المرام في علم الكلام » ١ : ٢٣٨ ـ ٢٤٠.
(٢) اختاره في كتابه الموسوم بـ « القول في القدماء الخمسة » وهو ليس بأيدينا ، راجع في ذلك « نهاية المرام » ١ : ٢٤٠.
(٣) « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ٩٧ وما بعدها ؛ « المباحث المشرقية » ١ : ٢٣١ ـ ٢٣٢ ؛ « نقد المحصّل » : ١٢٧ ـ ١٢٨.