والنامية هي التي تزيد في أقطار الجسم على التناسب الطبيعي ليبلغ إلى تمام النشوء ، ولا يحصل نحو الاستسقاء من البرص.
والمولّدة هي التي تفيد المنيّ بعد استحالته في الرحم الصورة والقوى والأعراض ، أو تعدّه لها ، بناء على أنّ استناد التصوير إلى هذه القوّة باطل ، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
والحاصل : أنّ النفس لها مراتب يطلق على كلّ مرتبة لفظ النفس :
الأولى : مرتبة النفس الجمادية ، وأثرها حفظ التركيب فقط.
الثانية : مرتبة النفس النباتيّة ، وأثرها ـ مضافا إلى ما ذكر ـ التغذية بالغاذية ، والتنمية بالنامية ، والتوليد ـ ولو بالإعداد المقتضي للاستعداد ـ بالمولّدة. وهذه القوى تسمّى بالنباتيّة والطبيعيّة.
الثالثة : مرتبة النفس الحيوانيّة ، وأثرها ـ مضافا إلى ما ذكر ـ الحركة بالإرادة والحسّ بالحواسّ الخمس الظاهرة والخمس الباطنة الموجبة للإدراكات الجزئيّة.
الرابعة : مرتبة النفس الناطقة الإنسانيّة التي يحصل بها إدراك الكلّيّات والجزئيّات المجرّدة بلا واسطة مضافا إلى ما ذكر.
الخامسة : مرتبة النفس الإلهيّة التي يحصل بها التخلّي عن الأخلاق الرذيلة ، والتحلّي بالأخلاق الحسنة ، ويسهل بها صدور الأفعال وتحمّل المشاقّ ، كالحلم والرياضة. فالقسم الأوّل عامّ العامّ ، والثاني هو العامّ ، والثالث هو الخاصّ ، والرابع خاصّ الخاصّ ، والخامس هو الأخصّ المخصوص بأمثال روح الله ونفس الله.
قال : ( وأخرى أخصّ بها يحصل الإدراك إمّا للجزئيّ أو للكلّيّ ).
أقول : للنفس أيضا قوى أخصّ من الأولى ، وأثرها الإدراك إمّا للجزئيّ وهو الإحساس ، وإمّا للكلّيّ وهو التعقّل ، فالإحساس مشترك بينه وبين الحيوان العجم خاصّة ، فهو أخصّ من القوى الأولى المشتركة بينها وبين النباتات ، والتعقّل أخصّ من الإحساس ؛ لأنّه لا يحصل للحيوان بل للإنسان.