أقول : هذا هو الوجه الثاني من الوجوه الدالّة على امتناع إعادة المعدوم.
وتقريره : أنّ الشيء بعد عدمه نفي محض وعدم صرف ، وإعادته إنّما تكون بوجود عينه الذي هو المبتدأ بعينه في الحقيقة ، فيلزم تخلّل العدم بين الشيء ونفسه ، وتخلّل النفي بين الشيء الواحد غير معقول.
وأجيب : بأنّ التخلّل لزمان العدم بين زماني وجود الشيء بعينه.
وفيه : أنّ بديهة العقل حاكمة بأنّ الثاني مثل الأوّل لا عينه.
قال : ( ولم يبق فرق بينه وبين المبتدأ ).
أقول : هذا هو الوجه الثالث.
وتقريره : أنّ المعدوم لو أعيد لم يبق فرق بينه وبين المبتدأ ؛ فإنّا إذا فرضنا سوادين ـ أحدهما معاد والآخر مبتدأ ـ وجدا معا ، لم يقع بينهما افتراق في الماهيّة ولا المحلّ ولا غير ذلك من المميّزات إلاّ كون أحدهما كان موجودا ثمّ عدم ، والآخر لم يسبق عدمه وجوده ، لكن هذا الفرق باطل ؛ لامتناع تحقّق الماهيّة في العدم ، فلا يمكن الحكم عليها بأنّها هي هي حالة العدم ، وإذا لم يبق فرق بينهما ، لم يكن أحدهما أولى من الآخر بالإعادة أو الابتداء.
قال : ( وصدق المتقابلان عليه دفعة ).
أقول : هذا وجه رابع ، وهو أنّه لو أعيد المعدوم لصدق المتقابلان على الشيء الواحد دفعة واحدة ؛ والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطيّة : أنّه لو أعيد لأعيد مع جميع مشخّصاته ، ومن جملة المشخّصات الزمان ، فيلزم جواز الإعادة على الزمان ، فيكون مبتدأ معادا ، وهو محال ؛ لأنّهما متقابلان لا يمكن صدقهما على ذات واحدة.
قال : ( ويلزم التسلسل في الزمان ).
أقول : هذا دليل امتناع إعادة الزمان.
وتقريره : أنّه لو أعيد الزمان ، لكان وجوده ثانيا مغايرا لوجوده أوّلا ، والمغايرة