الأشخاص ، ولاستغنائه عنه بغيره ).
أقول : المراد أنّ الشخص من العناصر كهذه النار ـ مثلا ـ ليس علّة ذاتية لشخص آخر منها ، أي يكون علّة لوجوده ، وإلاّ لوجدت أشخاص لا تتناهى دفعة واحدة ؛ لأنّ العلل الذاتيّة تصاحب المعلولات.
وأيضا فإنّ الشخص من العناصر يستغني عن الشخص الآخر بغيره ؛ إذ ليس شخص ما من أشخاص النار ـ مثلا ـ أولى بأن يكون علّة لشخص آخر من بقيّة أشخاص النّوع ، بل الشخص الذي هو معلول سبيله سبيل سائر الأشخاص في أنّ الشخص الذي هو العلّة ليس هو أولى بالعلّيّة من الشخص الذي هو معلوله ، وما يستغنى عنه بغيره لا يكون علّة بالذات ، فهو إذن علّة بالعرض ، بمعنى أنّه معدّ.
وأورد عليه : بأنّ معنى العلّيّة الذاتيّة أن يكون الشخص علّة بماهيّته وحقيقته ، أي تكون العلّة هي الماهيّة بحيث لا يكون لخصوصيّة الأفراد مدخل في تلك العلّيّة (١).
وفيه : أنّ كون الشخص علّة ذاتيّة يقتضي مدخليّة الخصوصيّة.
قال : ( ولعدم تقدّمه ).
أقول : هذا وجه ثالث على امتناع تعليل أحد الشخصين بالآخر.
وتقريره : أنّ العلّة متقدّمة على المعلول بالذات ، والشخصان إذا كانا من نوع واحد ، استحال تقدّم أحدهما على الآخر تقدّما ذاتيّا ؛ لإمكان فرض تأخّره.
قال : ( ولتكافئهما ).
أقول : هذا دليل رابع.
وتقريره : أنّ الماء والنار ـ مثلا ـ متكافئان في أنّه ليس النار أولى بأن تكون علّة للماء من العكس ، والمتكافئان لا يصلح أن يكون أحدهما علّة للآخر.
__________________
(١) « شرح تجريد العقائد » : ١٢٧.