تقدّم المقارنة المطلقة ـ بقيد الإطلاق ـ حتّى يصحّ تقدّم المقارنة الخارجيّة ، مع منع كون هذا الكلّيّ ذاتيّا ، ومنع استلزام إمكان التعقّل إمكان أن يعقل أنّه يعقل.
المسألة الثالثة والعشرون : في أحكام القدرة.
قال : ( ومنها القدرة ، وتفارق الطبيعة والمزاج بمقارنة الشعور والمغايرة في التابع ).
أقول : لمّا فرغ من البحث عن العلم شرع في البحث عن القدرة.
وأشار بقوله : « ومنها » إلى كونها من الكيفيّات النفسانيّة ؛ لأنّها صفة قائمة بذوات الأنفس.
واعلم أنّ الجسم ـ من حيث هو ـ غير مؤثّر ، وإلاّ لتساوت الأجسام في ذلك ، وإنّما يؤثّر باعتبار صفة قائمة به ، فالصفة المؤثّرة إمّا أن تؤثّر مع الشعور أو بدونه ، وعلى كلا التقديرين إمّا أن يتشابه التأثير أو يختلف ، فالأقسام أربعة :
أحدها : الصفة المقترنة بالشعور المتّفقة في التأثير ، وهي القوّة الفلكيّة.
الثانية : المقترنة بالشعور المختلفة في التأثير ، وهي القوّة الحيوانيّة ، أعني القدرة التي يأتي البحث عن أحكامها.
الثالثة : الصفة المؤثّرة غير المقترنة بالقصد والشعور المتّحدة في التأثير ، وهي الطبيعة.
الرابعة : الصفة المؤثّرة غير المقترنة بالشعور المختلفة في التأثير ، وتسمّى النفس النباتيّة.
إذا عرفت هذا ، فنقول : القدرة صفة مؤثّرة على وفق الإرادة في الأفعال المتعدّدة ، وهي مغايرة للطبيعة والمزاج.
أمّا الأوّل : فلوجوب اقترانها بالشعور ، بخلاف الطبيعة.
وأمّا الثاني : فلأنّ المزاج كيفيّة متوسّطة بين الحرارة والبرودة ، فتكون من