وبالعكس ، والماء نارا وبالعكس. وبعضها يحصل بواسطتين ، وهو انقلاب الأرض نارا وبالعكس.
وعن الشيخ (١) أنّ الصاعقة تتولّد من أجسام ناريّة فارقتها السخونة وصارت لاستيلاء البرودة على جوهرها متكاثفة تنقلب النار إلى الأرض بلا واسطة أيضا ، كما يقال : إنّ النار القويّة تجعل الأجزاء الأرضيّة نارا.
نعم ، الغالب انقلاب العنصر إلى ملاصقه ابتداء وإلى البعيد بواسطته.
ويشهد على الانقلاب ما نشاهد من صيرورة النار هواء عند الانطفاء في المصباح ، فإنّ ما ينفصل من شعلته لو بقيت لرئيت ولأحرقت سقف الخيمة ؛ وصيرورة الهواء نارا عند إلحاح النفخ في كير الحدّادين إذا سدّت المنافذ التي يدخل فيها الهواء الجديد ؛ وصيرورة الهواء ماء لشدّة البرودة ، كما يرى في قلل الجبال من غير سحاب ، وفي الطاس المكبوب على الجمد ؛ فإنّه تركبه قطرات الماء ونحو ذلك ؛ والماء هواء بالحرّ ، كما في غليان القدر والثوب المبلول المطروح في الشمس ؛ وصيرورة الماء حجرا يقرب منه في الحجم ، كما يعاين في قرية من قرى « مراغة » من بلاد آذربايجان ؛ لانقلاب مائه حجرا مرمرا ؛ وصيرورة الحجر بالحيل الإكسيريّة ماء ، فقد يقال : إنّ أرباب الإكسير يتّخذون مياها حارّة ويحلّون فيها أجسادا صلبة حجريّة حتّى تصير مياها جارية.
قال : ( فالنار حارّة يابسة شفّافة متحرّكة بالتبعيّة ، لها طبقة واحدة وقوّة على إحالة المركّب إليها ).
أقول : هذا بيان للأحوال المختصّة بالنار ، وهي ستّ :
الأولى : أنّها حارّة بشهادة الحسّ في النار الموجودة عندنا ، فالنار الصرفة الخالية عن العائق بطريق أولى ؛ لوجود الطبيعة من غير مخالطة بما يتكيّف بالبرودة.
__________________
(١) « الشفاء » الطبيعيّات : ٧٠ ـ ٧١ ، الفصل الخامس من المقالة الثانية من الفنّ الخامس.