المسألة الثالثة : في أنّ الإضافة لا تحقّق لها في الخارج ، وليست ثابتة في الأعيان.
قال : ( وثبوته ذهنيّ ، وإلاّ لتسلسل ولا ينفع تعلّق الإضافة بذاتها ).
أقول : اختلف العقلاء هاهنا ، فذهب قوم إلى أنّ الإضافة ثابتة في الأعيان ، لأنّ فوقيّة السماء ليست عدما محضا ولا أمرا ذهنيّا غير مطابق.
وقال آخرون : إنّها عدميّة في الأعيان ، ثابتة في الأذهان (١) ، وهو اختيار المصنّف رحمهالله وأكثر المحقّقين.
والدليل عليه وجوه ذكرها المصنّف رحمهالله :
أحدها : أنّ الإضافة لو كانت ثابتة في الأعيان لزم التسلسل ؛ لأنّ حلولها في المحلّ إضافة أخرى ، وحلول ذلك الحلول ثابت يستدعي محلاّ وحلولا ، وذلك يوجب التسلسل.
وأجاب الشيخ أبو عليّ بن سينا عن هذا ـ على ما حكي ـ بأن قال : يجب أن يرجع في حلّ هذه الشبهة إلى حدّ المضاف المطلق ، فنقول : المضاف هو الذي ماهيّته معقولة بالقياس إلى غيره ، وكلّ شيء في الأعيان يكون بحيث ماهيّته إنّما تعقل بالقياس إلى غيره ، فذلك الشيء من المضاف ، ولكن في الأعيان أشياء كثيرة بهذه الصفة ، فالمضاف في الأعيان موجود.
ثمّ إن كان في المضاف ماهيّة أخرى ، فينبغي أن يجرّد ماله من المعنى المعقول بالقياس إلى غيره ، فذلك المعنى هو بالحقيقة المعنى المعقول بالقياس إلى غيره ، وغيره إنّما هو معقول بالقياس إلى غيره بسبب هذا المعنى ، وهذا المعنى ليس معقولا بالقياس إلى غيره بسبب شيء غير نفسه ، بل هو مضاف لذاته لا بإضافة أخرى ،
__________________
(١) نسب القول الأوّل إلى المتكلّمين وجماعة من الأوائل ، والقول الثاني إلى طائفة من الحكماء.
لمزيد المعرفة راجع « الشفاء » المنطق ١ : ١٦٣ والإلهيّات : ١٥٦ ـ ١٦٠ ؛ « التحصيل » : ٤٠٤ ـ ٤١٢ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٥٦٠ ـ ٥٦٣ ؛ « المحصّل » : ٢١٩ ؛ « نقد المحصّل » : ١٣١ ؛ « مناهج اليقين » : ١٤٦ ؛ « نهاية المرام » ١ : ٣٤٤ ـ ٣٥٤ ؛ « شرح المواقف » ٦ : ١٥٩ ـ ١٦٢ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٨٨ ؛ « شوارق الإلهام » : ٤٥٦ ـ ٤٦٠.