لجريان قاعدة الفراغ ، لما قلنا أنّ قاعدة الفراغ والتجاوز موردهما هو الشكّ في صحّة العمل من جهة وجود خلل في المأتي به غفلة أو سهوا أو نسيانا ، وما نحن فيه ليس الأمر كذلك ، لأنّ المصلّي في المفروض لم يغفل ولم يسه عن جزء أو شرط ، بل دخل في الصلاة باستصحاب زائل لا ثبات له ، بل ربما يكون دخوله بشهادة رجلين يتخيّل عدالتهما ثمَّ يتبيّن فسقهما حال الشهادة ، فيكون الدخول مستندا إلى تخيّل البيّنة ، لا البيّنة الواقعيّة.
وممّا ذكرنا يظهر الحال في الصورة الخامسة ، وهي عيّن الصورة السابقة باستثناء جواز الدخول فيه ـ أي في المركّب المأمور به ـ فالمفروض في هذه الصورة عدم جواز الدخول ، بخلاف الصورة السابقة. مثلا لو شكّ قبل الصلاة في أنّه محدث ولم يكن استصحاب الطهارة في البين ، فلا يجوز له أن يدخل في الصلاة ؛ للزوم إحراز الشرط ، أي الطهارة ، فلو غفل وصلّى فلا شكّ في أنّه بعد الصلاة يشكّ في صحّة عمله ، فتارة يحتمل أنّه بعد ما شكّ في الحدث توضّأ مثلا ، وأخرى لا يحتمل.
أما في الصورة الأولى فلا شكّ في شمول القاعدتين ؛ لأنّ حال الشكّ في الحدث ليس بأعظم من القطع بالحدث ، ومع القطع بالحدث لو غفل ودخل في الصلاة ولكن بعد الصلاة يحتمل أنّه توضّأ بعد ذلك القطع فتشمل القاعدتان مثل هذا المورد ، ففي مورد الشكّ يكون شمولهما له بطريق أولي.
وأمّا إذا لا يحتمل الوضوء بعد ذلك القطع ، فالظاهر عدم شمول القاعدة له ؛ لما ذكرنا من أنّ قاعدة التجاوز والفراغ مفادهما إلقاء احتمال ترك جزء أو شرط ، غفلة أو سهوا أو نسيانا.
وفيما نحن فيه المفروض أنّه دخل في الصلاة غفلة عن كونه شاكّا في كونه محدثا ، وإلاّ لو لم يكن غافلا لما كان يجوز له أن يدخل في الصلاة ، فمع فرض دخوله فيها غفلة عن كونه شاكّا في وجود الشرط كيف يمكن أن يقال بأنّ مقتضى قاعدة الفراغ أو