عبادة مركّبة من أجزاء وشرائط ، يكون ما يأتي به على طبق ما أراد ، وألقى الشارع احتمال الغفلة والسهو والنسيان لا احتمال الترك عمدا.
ويدلّ على ما ذكرنا تعليقه عليهالسلام للمضي وعدم الاعتناء بالشكّ في بعض الأخبار بقوله عليهالسلام : « هو حين ما يتوضّأ أذكر » (١) وظهور هذا التعليل في كون منشأ الترك هي الغفلة أو السهو والنسيان لا العمد ممّا لا ينكر ؛ لأنّ الترك العمدي لا ينافي مع كونه حين الوضوء أذكر.
نعم الترك عن غفلة أو عن سهو ونسيان بعيد ؛ مع كونه ذلك الوقت أذكر ؛ ولذلك قالوا : من شرائط جريان القاعدتين أن لا يكون احتمال الترك عن عمد ، فليس لروايات الباب إطلاق تشمل صورة كون احتمال الترك عن عمد.
الصورة الثالثة : أن لا يكون ملتفتا إلى الأجزاء والشرائط حال الاشتغال بالمركّب المأمور به ، بمعنى أنّه لا معرفة له بتمام أجزاء المركّب وجميع شرائطه وموانعه ، مثلا حال الاشتغال بالعمل لم يعلم أنّ هذا المشكوك الوجود ـ جزء كان أو شرطا ـ جزء أو شرط ، سواء أكان جهله من ناحية الشبهة الحكميّة أو الموضوعيّة.
فالأوّل مثل أنّه لم يعلم أنّ السورة جزء للصلاة. والثاني مثل أنّه يعلم أنّ الاستقبال شرط للصلاة ، ولكن لم يعلم أنّ هذه الجهة التي صلّى إليها قبلة أم لا؟ وبعد حصول الشكّ يعلم بصورة العمل الذي صدر منه ، ويحتمل أن تكون الجهة التي صلّى إليها قبلة من باب الاتّفاق.
والظاهر عدم جريان القاعدة في هذه الصورة أيضا ؛ لأنّ مطابقته للواقع لو كانت فهي من باب الاتّفاق ، فلا تشملها الأخبار ولا بناء العقلاء ؛ لما ذكرنا في الصورة السابقة من بناء العقلاء باعتبار أنّ المكلّف إذا أراد أن يأتي بالمأمور به يكون المأتي به
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ١ ، ص ١٠١ ، ح ٢٦٥ ، باب صفة الوضوء والفرض منه والسنّة ، ح ١١٤ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١ ، ص ٣٣١ ، أبواب الوضوء ، باب ٤٢ ، ح ٧.