جعلك راقيا للحيات ، ونقل لي ذلك عبد العزيز فقلت له : والله لأجعلنه حية ، ثم لا ينكر ذلك فقلت فيه :
يقلب عيني حية
بمجارة |
|
أضاف إليها
الساريات سبيلها |
يصيد ويغضي وهو
ليث خفية |
|
إذا أمكنته عدوة
لا يقيلها |
ولما تلوت ذلك على عبد الملك اجزل لي بالعطاء ، وخفي عليه ما قصدته (٥) فلم يكن كثير في مديحه لبني مروان جادا ، ولا مؤمنا بما يقول : وانما كان ساخرا وهازء ، فقد خادعهم ليكسب منهم الأموال التي اختلسوها بغير حق ، ولم تكن له مندوحة لأخذ شيء منها الا بهذه الوسيلة.
توفى سنة ( ١٠٥ ه ) وقد توفى في اليوم الذي توفى فيه عكرمة وصلي عليهما في موضع واحد بعد الظهر ، فقال الناس : مات أفقه الناس ، واشعر الناس (٦) وقد شيع بتشييع حافل ، وكان من جملة المشيعين لجنازته الامام أبو جعفر (ع).
وذكر بعض المؤرخين رواية ـ فيما نحسب ـ أنها من الموضوعات فقد رووا عن يزيد بن عروة أنه قال : غلبت النساء على جنازة كثير ، وهن يبكينه ، ويذكرن عزة في ندبتهن ، فقال أبو جعفر محمد بن علي : افرجوا لي عن الجنازة لأدفعها ، قال : فجعلنا ندفع عنها النساء ، وجعل أبو جعفر يضربهن بكمه ، ويقول : تنحين يا صويحبات ، يوسف ، فانتدبت
__________________
(٥) اخبار شعراء الشيعة ( ص ٦٢ ).
(٦) وفيات الاعيان ٣ / ٢٦٩.