البلى ، وتقلدهم أعمالهم ، ومحملها ظهورهم الى وقت نشورهم من بعثة قبورهم عند نفخة الصور ، وانشقاق السماء بالنور ، والخروج بالمنشر الى ساحة المحشر ، لا ترتد إليهم أبصارهم وافئدتهم هواء ، متراطمين في غمة مما أسلفوا ، ومطالبين بما احتقبوا ، ومحاسبين هناك على ما ارتكبوا ، الصحائف في الاعناق منشورة ، والاوزار على الظهور مأزورة ، لا انفكاك ولا مناص ولا محيص عن القصاص قد اقحمتهم الحجة وحلوا في حيرة المحجة وهمس الضجة ، معدول بهم عن المحجة ، الا من سبقت له من الله الحسنى فنجا من هول المشهد وعظيم المورد ، ولم يكن ممن في الدنيا تمرد ، ولا على أولياء الله تعند ، ولهم استعبد ، وعنهم بحقوقهم تفرد.
اللهم : فان القلوب قد بلغت الحناجر ، والنفوس قد علت التراقي والاعمار قد نفذت بالانتظار لا عن نقص استبصار ، ولا عن اتهام مقدار ، ولكن لما تعاني من ركوب معاصيك ، والخلاف عليك في أوامرك ونهيك ، والتلعب باوليائك ، ومظاهرة اعدائك.
اللهم : فقرب ما قد قرب ، وأورد ما قد دنى ، وحقق ظنون الموقنين وبلغ المؤمنين تأميلهم من اقامة حقك ونصر دينك واظهار حجتك .. » (٣٣)
وحفل هذا الدعاء الشريف باعطاء صورة عن سعة علم الله ، واحاطته بكل شيء الظاهر والخفي ، كما حفل بذكر المعاد ، وحشر الناس جميعا يوم القيامة لعرضهم للحساب أمام الله ، وهم يحملون على ظهورهم وزر ما عملوه في دار الدنيا ، وانهم مطالبون بما اقترفوه ، ومحاسبون على ما عملوه ، ولا ينجو من أهوال ذلك المشهد الرهيب إلا من سبقت له من الله الحسنى ، ولم يكن من المتمردين في دار الدنيا ، ولا من المستعبدين لعباد الله ،
__________________
(٣٣) مهج الدعوات ( ص ٥٢ ).