والمصلي بالمدينة ينزّل محراب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منزلة الكعبة.
______________________________________________________
قوله : ( والمصلّي بالمدينة ينزّل محراب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منزلة الكعبة ).
المراد تنزيله في الدلالة على جهة الكعبة منزلة الكعبة ، بمعين أنّه لا يسوغ التيامن عنه ولا التياسر وإن قل ، ولو اجتهد الحاذق بعلامات القبلة ، فأداه اجتهاده إلى التيامن أو التّياسر عنه فاجتهاده باطل لا يجوز له ولا لغيره التعويل عليه ، فانّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم معصوم لا يجوز عليه الخطأ.
وروي : أنه لما أراد نصبه زويت (١) له الأرض فجعله بإزاء الميزاب (٢) ، وهذا لا ينافي ما تقدم لأنّه خبر واحد ، ولأن الموازاة تصدق على المسامتة وإن لم يكن هناك محاذاة حقيقة.
ولا يجوز أن يريد بتنزيل محرابه عليه الصّلاة والسّلام منزلة الكعبة ما يدل عليه ظاهر اللّفظ ، إذ من المعلوم أنّ من صلّى عن يمينه أو يساره لا يصلّي إليه بحيث ينحرف إليه ، بل يصلّي على محاذاته.
وكذا كلّ موضع تواتر أنه صلّى فيه المعصوم ، وبقيت الجهة مضبوطة إلى الآن ، ومنه المسجد الأعظم بالكوفة ، لأنّ محرابه نصبه أمير المؤمنين عليهالسلام ، وصلّى إليه هو والحسن والحسين عليهمالسلام ، ومحراب مسجد البصرة ، وإن نصبه غيره عليهالسلام ، الا أنّه صلّى فيه ، فلا يبعد جعله كمحراب مسجد الكوفة ، وبخراسان مسجد ينسب إلى الرّضا عليهالسلام ، به محراب على وفق قبلة الإماميّة ، إن ثبتت النّسبة كان كغيره من محاريب المعصومين ، وإلاّ فكمحاريب المسلمين يجوز للحاذق إذا أداه اجتهاده إلى التيامن أو التياسر عنه التعويل عليه ، لا إن أداه إلى المخالفة في الجهة ، لبعد الغلط على المسلمين في الجهة ، أمّا التيامن والتياسر فيمكن الغلط منهم فيه ، وقبور المسلمين مثل محاريبهم.
__________________
(١) زويت : تنحت ، لسان العرب ( زوي ) ١٤ : ٣٦٣.
(٢) صحيح مسلم ٤ : ٢٢١٥ حديث ٢٨٨٩ كتاب الفتن ، سنن ابي داود ٤ : ٩٧ حديث ٤٢٥٢ ، مسند أحمد ٥ : ٢٧٨ و ٢٨٤.