ولو نوى في الأولى الخروج في الثانية فالوجه عدم البطلان إن رفض القصد قبل البلوغ إلى الثانية ،
______________________________________________________
على أنّ لقائل أن يقول : إن هذا البناء من أصله غير مستقيم ، لأنّا وإن قلنا بأن إرادتي الضّدّين لا تتضادان ، فإنّ نية الصّلاة لا تتحقّق مع نية القطع أو الخروج أو التردّد ونحو ذلك ، لأنّ نية الصّلاة المعتبرة هي القصد الجازم لا مطلق القصد.
وعلى كلّ من التّقديرات المذكورة لا يكون القصد من المكلّف جازما ، بل يكون متردّدا باعتبار إرادة الفعل وضدّه ، فلا تكون النية المعتبرة حاصلة. وعلى كل حال فالبطلان هو المختار لعدم تحقّق العبادة والإخلاص حينئذ.
واعلم أنّ هذه النّية إنّما تقدح إذا لم تكن من خواطر النّفس الّتي يبتلى بها الموسوس كثيرا ، فان هذه لا عبرة بها.
قوله : ( ولو نوى في الأولى الخروج في الثّانية ، فالوجه عدم البطلان إن رفض القصد قبل البلوغ إلى الثّانية ).
أي : لو نوى في الحالة الأولى ـ أي : السّابقة ـ الخروج في (١) الحالة الثّانية ـ أي اللاحقة ـ ، وإطلاق النّية هنا بالمجاز ، لأنّ النّية هي القصد المقارن للفعل ، والمتقدم عزم كما عرفت. ويفهم من قوله : ( إن رفض القصد قبل بلوغ الثّانية ) البطلان إن لم يرفضه قبلها.
أما وجه عدم البطلان ـ على تقدير رفض القصد قبلها ـ انتفاء المقتضي ، أما في الحالة الأولى فلعدم قصد الخروج فيها ، وأمّا في الحالة الثّانية فلامتناع الإبطال قبل بلوغها ، وانتفاء القصد عنده لأن الفرض أنّه رفضه قبل البلوغ.
وفيه نظر ، لأنّ الصّلاة عبادة واحدة متّصل بعضها ببعض ، تجب لها نية واحدة من أولها إلى آخرها ، فإذا نوى المنافي في بعضها انقطعت تلك الموالاة وانفصلت تلك النيّة فتخرج عن الوحدة ، فلا يتحقّق الإتيان بالمأمور به على وجهه ، فلا يكون مجزئا.
ومنه يظهر دليل الوجه الثّاني ، أعني : البطلان مطلقا ، وهو الأصحّ. ويحتمل عدم البطلان مطلقا للشّك في منافاة ذلك لنية الصّلاة ، والأصل بقاء الصّحة
__________________
(١) في « ع » و « ح » : في الثانية ، أي : الخروج في الحالة الثانية ، أي : اللاحقة.