______________________________________________________
إذا عرفت ذلك فهنا أمران :
الأوّل : هل هذا الرّجوع على طريق الوجوب ، أم الجواز؟
ليس في العبارة تصريح بواحد من الأمرين ، والدّليل ينساق إلى الوجوب ، لأنّه متى صحّ الرّجوع إلى المرأة المحاذية في صحّة صلاتها تحتم على الرّجل إعادة صلاته ، وكذا في الطّرف الآخر ، لأنّ شرعية الإعادة حتما موقوف على تحقق الصحة (١) ، فمع تحقق فساد صلاتها لا تشرع الإعادة كذلك.
الثّاني : إذا قلنا برجوع كلّ منهما إلى الآخر في الصحّة والفساد ، فمتى يكون ذلك ، هل هو قبل الصّلاة أم بعدها؟ أم في خلالها ، أم مطلقا؟ ليس في عبارة أحد من الأصحاب الّذين اطّلعت على كلامهم تعرض إلى ذلك.
والّذي يقتضيه النّظر أنّ الإخبار إن كان قبل الصّلاة وجب قبوله ، وإن كان بعدها ، فإن أخبر أحدهما بأنّ صلاته كانت باطلة لم يؤثر ذلك في صلاة الآخر ، الّتي حكم ببطلانها ظاهرا بالمحاذاة بصلاة الأصل فيها الصّحة ، فإن أخبر بأنّها كانت صحيحة فلا أثر له ، لثبوت البطلان قبل ذلك.
هذا إذا شرعا في الصّلاة عالمين بالمحاذاة المفسدة ، ولو شرعا وكلّ منهم غير عالم بالآخر ، كما في الظلمة أو ظنّ الرّجل كون الآخر رجلا ، فلمّا فرغا تبين كونه امرأة ، ففي الإبطال هنا تردّد.
فإن قلنا به ، ففي رجوع أحدهما إلى الآخر في بطلان صلاته لتصحّ الأخرى نظر ، من الحكم ببطلانها ، وكونها سيقت على ظاهر الصحّة فلا يؤثر فيها الحكم بالبطلان الّذي قد علم خلافه ، بخلاف الصّلاة الّتي فعلها المصلّي على اعتقاد فسادها ، فإنّها لا تصير صحيحة بعد فوات النيّة.
وإن كان في خلالها فإن شرعا فيها عالمين ، فلا كلام في الإبطال ، وكذا لو علم أحدهما اختصّ ببطلان صلاته ، وإن لم يعلم كلّ منهما بالآخر ثم علما ففي رجوع أحدهما إلى الآخر في بطلان صلاته لتصحّ صلاة الأوّل تردّد.
__________________
(١) في النسخ المعتمدة : ( الإعادة ) ، والصحيح المثبت من هامش نسخة « ح » ، ويؤيده ما بعدها.