يعلّمه الحكم وإن لم يعلّمه الموضوع كما في موارد الاصول العمليّة. والحاصل أنّ البلوغ إلى الفقيه غير أنّه البلوغ إلى العامي ، ولكن أصل نيابة الفقيه عن العامي لا يخلو عندي عن إشكال.
والوجه في ذلك أنّ الأدلّة والأمارات معتبرة من قبل الشارع ، وهي تشمل على الأحكام ، ولم يؤخذ في ذلك الفقاهة والعلم وإن كان لا يتمكّن من الاستفادة منها غير الفقيه ، وإذا تفقّه العالم أوجب الشارع بمقتضى قوله : « وأمّا الحوادث الواقعة » (١) إلخ ، وللعوامّ أن يقلّدوه ، ونحوه على العامي الرجوع إلى الفقيه ، وأخذ الحكم منه ، ولازمه وجوب ترتيب آثار الواقع على ما فهمه ، واشتراك ذلك الحكم فيها.
ويتّضح الجواب : أنّ البلوغ والعمل اعتبرا في متن الروايات والحكم المذكور فيها صريحا ، ولكنّ المستفاد من نسبة ذلك الحكم فيها إلى الموضوع المذكور فيها استحباب أفعال من عناوينها المعرّفيّة بلوغ ثواب فيها عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهذا العنوان المعرّف على سبيل الإجمال لا يكون معتبرا في الموضوع ، بأن يوجب اختصاص الحكم بأن يكون استحباب تلك الأفعال لمن بلغه الثواب عنه صلىاللهعليهوآله ، بل الحكم على عمومه وعلى حدّ سائر الأحكام يشمله أدلّة العموم من مثل « حكم الله على الأوّلين والآخرين سواء » ونحوه.
والحاصل أنّ بلوغ الثواب من عناوين فعل حكم باستحبابه لا من عناوين من حكم بالاستحباب له ، ولو سلّم كونه من عناوين المكلّف ، فنقول كما سبق : لا مدخليّة له في الثواب ، وإنّما الثواب على الفعل الصادر من المكلّف ، فيعمّ الكلّ ، ويثبت الاستحباب بالاستلزام ، ولو سلّم كونه عنوان المعلوم مدخليّته فإمّا أن يدّعى بنيابة الفقيه وكون بلوغه بحكم البلوغ إلى العامي.
السابع : إذا ورد خبر ضعيف على الاستحباب وثبوت الثواب ، وورد خبر آخر مثله
__________________
(١) كمال الدين ، ص ٤٨٥ ، ح ٤ ؛ الغيبة للطوسي ، ص ١٧٦ ؛ الاحتجاج ، ص ٤٦٩.