على نفي الثواب والاستحباب ، فالظاهر أن لا إشكال في إعمال أخبار التسامح ؛ لصدق بلوغ الثواب ، وعدم اعتبار المنافي ، وعدم قيام دليل على الأخذ بمضمونه أو لازمه تعبّدا ، وسوى ذلك واضح إن شاء الله. (١)
الثامن : أنّ المرويّ عن الكليني والإقبال يشمل الأخبار الواردة في نفس الموضوعات التي تكون للاستحباب أحيانا ، أعني ما يكون مضمون الخبر ومفاده وما اشتمل عليه من الأمر نفس ما يكون موضوع الاستحباب في وجه ، أو من متعلّقات ذلك الموضوع ، وذلك مثل ما ورد عن الضعاف في المواعظ والآداب والفضائل ونحو ذلك ممّا قد يستحبّ ، والظاهر هو التسامح فيه أيضا بمعنى ترتيب أثر الواقع من كلّ باب على الخبر الوارد في ذلك الباب من جواز النقل والسماع والاستماع والحفظ والكتب والنظر إلى غير ذلك واستحبابه ، ويعلم الحال في ذلك بالقياس على الصحاح ؛ فإنّ النقل على طريق الرواية فيها ممّا لا إشكال فيه ، ونقل المضمون في كلّ منها لا يخلو عمّا فيه رواية في إسقاط الواسطة ، ولكن مع العلم بوجود الواسطة ، واستناد الراوي إلى الخبر ، وحكايته له بناء على واقعيّة مضمون الخبر ممّا لا يبقى الإشكال فيه أيضا. (٢)
وهذان الأمران لا فرق فيهما بين الخبر المعتبر وغيره ؛ فإنّ اعتبار الخبر لم يوجب انكشاف الواقع حتما ، ولا يجوز الإخبار عنه بما هو إلّا مع العلم ، فلا بدّ من الإرشاد والنسبة إلى الرواية إلّا مع العلم بالاستناد إليها ، والإخبار على أشياء على واقعيّتها
__________________
(١) قال الشيخ الأنصاري رحمهالله : « لو ورد رواية ضعيفة بالاستحباب واخرى بعدمه ، فلا إشكال في التسامح ؛ لأنّ الخبر الضعيف ليس حجّة في عدم الاستحباب ، فوجوده كعدمه » ، ثمّ قال : « ومنه يعلم أنّه لو كان الدالّ على عدم الاستحباب أخصّ مطلقا من الدالّ على الاستحباب ، فلا يحمل هنا المطلق على المقيّد ، ولا العامّ على الخاصّ ؛ لأنّ دلالة الخبر الضعيف على عدم الاستحباب مطلقا أو في بعض الأفراد كالعدم » . رسائل فقهيّة ، ص ١٦٦.
(٢) راجع في المسألة : الرعاية في علم الدراية ، ص ٩٤ ؛ عوائد الأيّام ، ص ٧٩١ ؛ مفاتيح الاصول ، ص ٣٥٠.