العمل بما عدا الظنون المخصوصة واتّخذها خاصّة حجّة فقد وافق قائلا من العلماء ، ولا يكون بذلك خارجا عن الدين ، ولا عن طريقة المسلمين.
قلت : إنّه وإن وافق في كلّ مسألة قائلا (١) إلّا أنّه بعد رجوعه في جميع المسائل المختلف (٢) فيها (٣) التي هي أكثر الأحكام الشرعيّة جدّا إلى ما عرفته خالف العلماء طرّا ؛ إذ لم يوجد منهم من رجع (٤) في جميع تلك المسائل إلى الظنون المخصوصة ، ويطرح (٥) ما عداها ، ويعمل بمقتضاها خاصّة ، بل إن عمل (٦) بعضهم في بعض المسائل كذلك لفقد دليل خاصّ قطعي أو ظنّي إن عمل (٧) يخصّص به الاصول (٨) المزبورة ، لكنّه يعمل في غيره بخلافها ؛ لقيام دليل قاطع عليه عنده أو ظنّي يخصّصها ولا قاطع لهذا الثالث ؛ إذ الذي يدّعيه ويخصّص به الاصول في جملة من المسائل إنّما هو القدماء المتمكّنون من تحصيله غالبا كما يفهم عن (٩) المرتضى وابن زهرة وأضرابهما ، وهذا لم يتمكّن من ذلك جدّا ، والمفروض أيضا أنّه (١٠) لم يعتمد ظنّيا (١١) إذا (١٢) لم يكن ظنّه (١٣) ظنّا مخصوصا.
وبالجملة ، لا ريب (١٤) ولا شبهة في أنّ المقتصر على الظنون المخصوصة في الأحكام الشرعيّة في نحو هذه الأزمنة (١٥) لم يبق له أثر من الإسلام والشريعة.
وبملاحظة هذا يظهر بداهة وجوب اعتبار ظنّ آخر ما عدا الظنون المخصوصة المجمع عليها من نحو أخبار الآحاد وغيرها ، وحيث تساوت مراتبها في كونها ظنونا غير مخصوصة ولم يمكن (١٦) ترجيح بعضها على بعض من هذه الجهة لا جرم جاز
__________________
(١) مفاتيح : + من العلماء.
(٢) ق : المختلفة.
(٣) ع ، ق : فيه.
(٤) خ ، ش ومفاتيح : يرجع.
(٥) ر ومفاتيح : + جميع.
(٦) ش : + به. ر ، س : يحمل.
(٧) خ ، م : + به ، وفي مفاتيح : ـ إن عمل.
(٨) خ : الامور.
(٩) ر ومفاتيح : من.
(١٠) م : أنّه أيضا.
(١١) ع وخ بهامش مفاتيح : ظنّا.
(١٢) ر ، س : إذ.
(١٣) ش ، ع : كلّه.
(١٤) خ : لا شكّ.
(١٥) ر ، س ومفاتيح : + كذلك.
(١٦) ع ، ش ، ق : لم يكن.