باشتراط الملكة التي اعتبروها في المجتهد (١) أصلا.
ورواته كلّهم في غاية الثقة والجلالة ، وإن كانوا لم يصرّحوا بتوثيق عمر بن حنظلة ، فقد وثّقه الشهيد الثاني في دراية الحديث عملا بحديث الوقت (٢) ، وقول راويه : إنّ عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « إذا لا يكذب علينا » . (٣)
وقد اعترضه الشيخ حسن بضعف سند حديث الوقت (٤) .
وهو واضح السقوط على طريقة الأخباريّين ؛ لظهور القرائن الآتية إن شاء الله تعالى.
ولا يلزم الدور ؛ لأنّ الاصوليّين قد قبلوا هذا الحديث حتّى سمّوه مقبولة عمر بن حنظلة ووثّقوا راويه (٥) ، على أنّ الأدلّة في المقامين كثيرة جدّا ، وقد تضمّن الحديث أكثر المرجّحات المنصوصة ، وفيه إشارة إلى تلازم كثير منها غالبا فلا تغفل.
وقريب من هذا الحديث ما نقله محمّد بن عليّ بن جمهور الأحسائي في كتاب غوالي اللئالي قال : روى العلّامة مرفوعا إلى زرارة بن أعين قال : سألت الباقر عليهالسلام فقلت : يأتينا عنكم الحديثان المتعارضان ، فبأيّهما نأخذ ؟
قال : « يا زرارة ، خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذّ النادر » .
فقلت : يا سيّدي ، إنّهما مشهوران مرويّان مأثوران عنكم.
فقال عليهالسلام : « خذ بما يقول أعدلهما عندك ، وأوثقهما في نفسك » .
فقلت : إنّهما معا عدلان مرضيّان ثقتان.
فقال : « انظر إلى ما وافق منهما مذهب العامّة فاتركه ، وخذ بما خالفهم فإنّ الحقّ
__________________
(١) حيث اعتبروا في المجتهد ملكة الاستنباط. انظر عوائد الأيّام ، ص ٥٤٧ ؛ وهداية المسترشدين ، ج ٣ ، ص ٦٢٢.
(٢) شرح البداية في علم الدراية ، ص ٤٧.
(٣) الكافي ، ج ٣ ، ص ٢٧٥ باب وقت الظهر والعصر ، ح ١ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٤ ، ص ١٣٢ ، ح ٤٧٢٠.
(٤) منتقى الجمان ، ج ١ ، ص ١٩.
(٥) عبّر عنها بالمقبولة الميرزا القمّي في قوانين الاصول ، ص ٣٠٤ ؛ والنراقي في عوائد الأيّام ، ص ٥٣٤ و٥٣٩ و٥٥٢ و٦٩٠ و٨٢٨ ؛ والاصفهاني في هداية المسترشدين ، ج ٣ ، ص ٤٤١. ولا يخفى أنّه لم يرد توثيق صريح لعمر بن حنظلة إلّا من الشهيد الثاني في الدراية.