الظاهر ذلك » . (١)
ثمّ حكى العلّامة المجلسي رحمهالله كلاما عن صاحب كتاب سلافة العصر في مدح المصنّف ، وهو هكذا :
هو أكبر من أن يفي بوصفه قول ، وأعظم من أن يقاس بفضله طول ، نسب يؤول إلى النبيّ ، وحسب يذلّ له الأبيّ ، وشرف ينطح النجوم ، وكرم يفضح الغيث السجوم ، وعزّ يقلقل الأجبال ، وعزم يروع الأشبال ، وعلم يخجل البحار ، وخلق يفوق نسائم الأسحار إلى ذات مقدّسة ، ونفس على التقوى مؤسّسة ، وإخبات ووقار ، وعفاف يرجع من التقى بأوقار ، به أحيا الله الفضل بعد اندراسه ، وردّ غريبه إلى مسقط رأسه ، فجمع شمله بعد الشتات ، ووصل حبله بعد البتات ، شفع شرف العلم بظرف الأدب ، وبادر إلى حوز الكمال وانتدب ، فملك للبيان عنانا ، وهصر من فنونه أفنانا ، فنظمه منظوم العقود ، ونثره منثور الروض المعهود.
وممّا يسطر من مناقبه الفاخرة ، الشاهدة بفضله في الدنيا والآخرة ، أنّه رحمهالله كان قد أصابته في صغره عين ذهبت من حواسّه الشريفة بعين ، فرأى والده النبيّ صلىاللهعليهوآله في منامه ، فقال له : إن أخذ بصره فقد اعطى بصيرته ، ولقد صدق وبرّ ، فإنّه نشأ بالبحرين فكان لهما ثالثا ، وأصبح للفضل والعلم حارثا ووارثا ، وولي بها القضاء فشرّف الحكم والإمضاء ، ثمّ انتقل منها إلى شيراز ، فطالت به على العراق والحجاز ، وتقلّد بها الإمامة والخطابة ، ونشر حبر فضائله المستطابة ، فتاهت به المنابر ، وباهت به الأكابر ، وفاهت بفضله ألسن الأقلام وأفواه المحابر. ولم يزل بها حتّى أتاه اليقين ، وانتقل إلى جنّة عرضها السماوات والأرض اعدّت للمتّقين ، فتوفّي سنة ثمان وعشرين وألف رحمهالله ، وهذا محلّ نبذة من شعره ونفثة من بيان سحره ، ولا أراني اثبت منه غير اللؤلؤ البحراني.
أخبرني بعض الأصحاب أنّه كان أنشأ في يوم جمعة خطبة أبدعها وأودعها من
__________________
(١) انظر : طبقات أعلام الشيعة ، القرن ١١ ، ص ٤٨٢ ؛ الذريعة ، ج ٩ ، ص ٩٥٠.