والذي يظهر لي من البين أنّ الذي أنكره الإماميّة ونهى عنه الأئمّة عليهمالسلام غير ما عملوا به وتكلّموا عليهمالسلام ، به فإنّ الذين عملوا به وقالوا عليهمالسلام به هو القياس المستجمع للشرائط وهو المسمّى بالتمثيل ، كما قال الإمام عليهالسلام ردّا على الراوي ، والذي أنكروه هو الغير المستجمع لها.
ويدلّك على هذا أنّه كان في زمانهم عليهمالسلام جهّال قد أغووا الناس إلى أنفسهم وأغرّوهم إلى استفتائهم ، فالناس كانوا يستفتون منهم وهم لا يكادون يفقهون حديثا ، فيقيسون أشياء بغير مناسبة كالأرض والسماء مثلا ، ويفتونهم به في جميع فتاويهم.
أ ما ترى إلى قوله عليهالسلام : « لو كان الدين بالقياس ، لكان باطن الخفّ أولى بالمسح من ظاهره » (١) أنّه يدلّ على أنّهم كانوا يقيسون ظاهر الخفّ بظاهر القدم ، وأنّه لا مناسبة فيه أصلا.
وأ ما ترى إلى قياس إبليس المذموم بقوله : « أوّل من قاس إبليس » (٢) أنّه ليس مستجمعا للشرائط حتّى أصله ، وهو شرافة النار على الصلصال.
وإلى قوله عليهالسلام : « يقيسون الامور برأيهم » . (٣)
وإلى قوله عليهالسلام : « من أراد أن يقتحم جراثيم جهنّم فليقل في الحدّ برأيه » . (٤)
__________________
(١) الفصول المختارة ، ص ٢٠٤ ؛ الخلاف ، ج ١ ، ص ٢١٧ ؛ عدّة الاصول ، ج ٢ ، ص ٦٨٨ ؛ سنن أبي داود ، ج ١ ، ص ٤٢ ، ح ١٦٢ ؛ سنن الدارقطني ، ج ١ ، ص ٢٠٥ ، ح ٤ ؛ السنن الكبرى ، ج ١ ، ص ٢٩٢.
(٢) الكافي ، ج ١ ، ص ٥٨ ، باب البدع والرأي والمقاييس ، ح ٢٠ ؛ وج ٣ ، ص ١٠٤ ، باب الحائض تقضي الصوم و... ، ح ٢ ؛ وج ٤ ، ص ١١٣ ، باب الطيب والريحان للصائم ، ح ٥ ؛ وج ٤ ، ص ١٣٥ ، باب صوم الحائض والمستحاضة ، ح ١.
(٣) كنز الفوائد ، ج ٢ ، ص ٢٠٩ ؛ الصراط المستقيم ، ج ٣ ، ص ٢٠٨ ؛ بحار الأنوار ، ج ٢ ، ص ٣١٢ ؛ مستدرك الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٢٥٧ ، ح ٢١٢٧٤.
(٤) الفقيه ، ج ٤ ، ص ٢٨٦ ، ح ٥٦٥٠ ؛ الذريعة للسيّد المرتضى ، ج ٢ ، ص ٧٣٥ ؛ السنن الكبرى للبيهقي ، ج ٦ ، ص ٢٤٥ ؛ المحصول للرازي ، ج ٥ ، ص ٧٧ ؛ أعلام الموقّعين ، ج ١ ، ص ٣٨٠ ؛ تأويل مختلف الحديث ، ص ٢٠. وفي كلّها « الجد » بدل « الحد » .