فصيّر فرسه صاحبه.
وأما قوله : (إِنَّ اللهَ مَعَنَا) فإنّ الله مع البرّ والفاجر! أما سمعت قوله تعالى : (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا (١)).
وأما قوله : (لَاتَحْزَنْ») فأخبرني أكان حزن أبي بكر طاعة أو معصية؟ فإن زعمت أنه طاعة فقد جعلت النبيّ ينهى عن الطاعة ، وهذا خلاف صفة الحكيم. وإن زعمت أنّه معصية فأيّة فضيلة؟!
ثمّ خبّرني عن قوله تعالى : (فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ») على مَن؟ قال إسحاق ، قلت : على أبي بكر ؛ لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان مستغنياً عن السكينة!
فقال : إنّ الناس انهزموا يوم حُنين فلم يبق مع النبيّ إلّاسبعة من بني هاشم! علي يضرب بسيفه ، والعباس بيده لجام بغلة رسول الله ، وخمسة يحدقون بالنبيّ أن لا يناله سلاح الكفار ، حتّى أعطى الله رسوله الظفر فقال : (ثُمَّ أَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٢)) فعنى بالمؤمنين هنا علياً ومن حضر من بني هاشم. فمن كان أفضل؟ أمن كان مع النبيّ فنزلت السكينة على النبيّ وعليه؟ أم من كان مع النبيّ في الغار ولم يكن أهلاً لنزولها عليه؟!
يا إسحاق ؛ إنّ الله تبارك وتعالى أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يأمر علياً بالنوم على فراشه ووقايته بنفسه (للهجرة) فأمره بذلك. فقال علي : أتسلم يا رسول الله؟ قال : نعم. قال : إذن طاعة وسمعاً. ثمّ أتى مضجعه وتسجّى بثوبه ، وأحدق المشركون به لا يشكون في أنّه النبيّ ، وقد أجمعوا على أن يضربه من كل بطن رجل ضربة لئلّا يطلب الهاشميون بدمه! وعلي يسمع بأمر القوم فيه ، من التدبير في تلف نفسه ،
__________________
(١) المجادلة : ٧.
(٢) التوبة : ٤٠ و ٢٦.