والعرب ، وكان حسن المعرفة جيّد القريحة بليغ اللسان مليح التصنيف ، ولكن كان الغالب عليه علمه لا عقله ، فاتّفق أن نادمه المعتضد واختصّه وأفضى إليه بسره فأذاعه فقتله المعتضد!
وكان محمد بن موسى بن شاكر من أصحاب «بيت الحكمة» للمأمون ببغداد وصار وافر الحظّ من الهندسة والنجوم ، وكان قد نزل بغداد من صابئة حرّان الشام ثابت بن قُرّة فتعلّم النجوم على محمد بن موسى ، وصارت له مؤلّفات كثيرة في التعليمات الرياضية والمنطق والطبّ ، فوصله شيخه محمد بن موسى بالمعتضد ، فبلغ لديه أعلى المنازل وأجل المراتب ، يجلس لديه ويحادثه طويلاً ويضاحكه ويُقبل عليه دون وزرائه وخاصّته (١).
خلافة علي المكتفي بالله :
في سنة (٢٦٤ ه) من أُم ولد تركية اسمها جيجك (٢) ولد لأحمد المعتضد ولد سمّاه عليّاً ، ثمّ عهد إليه بأمره من بعده فلقّبه بالمكتفي بالله ، وحدّره إلى الرَّقة بالشام ، فكان بها لما بلغه موت أبيه وخلافته ، وله يومئذٍ نيف وعشرون سنة ، ورحل إلى بغداد فوصلها في أواخر جمادى الأُولى سنة (٢٨٩ ه) ونزل القصر الحسني على دجلة ، وأخذ له البيعة وزيره القاسم بن عبيد الله ، فخلع المكتفي عليه (٣).
__________________
(١) تاريخ مختصر الدول لابن العبري ١ : ١٥٢ ، ١٥٣.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٤٣٧ ، وفي التنبيه والإشراف : ٣٢١ : اسمها خاضع! ولقبها جيجق ، وصحّف هذا في تاريخ ابن الوردي ١ : ٢٤٠ إلى : حجج!
(٣) مروج الذهب ٤ : ١٨٦.