بل تلقّب بأمير المؤمنين ، وهو بأرض فارس ، وخيله يرعى ويرتع ، وأراد الرحيل فنادى مناديه بقطع الدواب عن الرعي ، فأسرع رجل منهم إلى دابته وأخرج الحشيش من فمها وقال بالفارسية يخاطبها : «أمير المؤمنين! دواب را ازتر بُريده است» وتعريبه : إنّ أمير المؤمنين قطع الدواب عن الرُطبة (١)!
هزيمة المعتمد لعسكر الصفّار :
تزامنت أوائل أمر الصفّار مع أوائل مقاتل الزنوج ، فاتّهم الصفّار الخليفة بإهماله أمر صاحب الزنج وخرج منكراً عليه وعلى الموالي معه إضاعتهم الدين ، وقال في مسيره إليه أبياتاً هي :
خراسان أحويها وأعمال فارس |
|
وما أنا من ملك العراق بآيس |
إذا ما امور الدين ضاعت واهملت |
|
ورثّت فصارت كالرسوم الدوارس |
خرجت بعون الله يمناً ونصرة |
|
وصاحب رايات الهدى غيرحارس (٢) |
وكان مسيره نحو العراق في (٢٦٢ ه) في جيوش عظيمة ، حتى نزل دير العاقول بين واسط وبغداد على شاطئ دجلة. وبلغ ذلك إلى المعتمد في سامرّاء.
وفي الثالث من جمادى الآخرة استخلف المعتمد ابنه المفوّض وخرج هو من سامراء فعسكر في الموضع المعروف بالقائم من سامرّاء ، ثمّ دخل منها إلى بغداد فجازها حتى وصل إلى سيب بني كوما إلى جهة دير العاقول في الخامس من شهر رجب ، وفي التاسع منه واقع الصفّار في الموضع المعروف باصطربد بين السيب ودير العاقول. وكان على ميمنته موسى بن بُغا ، وفي القلب الموفّق أخو
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ١١٤ ، ١١٥.
(٢) مروج الذهب ٤ : ١١٤.