وقد أفشى هذا عليه يوماً المروزيُّ للمأمون : أنه لم يقرأ من كتاب اوقليدس إلّاست مقالات!
فقال الحسن له : يا أمير المؤمنين ، لم يكن يضرّني أنني لم أقرأها ، ولا تنفعه هو قراءته لها ؛ إذ هو من الضعف فيها بحيث لم تغنه قراءته في أصغر مسألة من الهندسة! فإنه لا يُحسن أن يستخرجها وهو لم يكن يسألني عن شكل من أشكال المقالات التي لم أقرأها إلّااستخرجته بفكري وأتيته به!
فقال المأمون : ما أدفع قولك! ولكن كتاب أُوقليدس للهندسة كحرف أب ت ث للكلام والكتابة! فلا أُعذرك ـ ومحلّك في الهندسة محلّك ـ أن يبلغ بك الكسل أن لا تقرأه كلّه!
وفي دار محمد بن موسى تعلم ثابت بن قرّة الحرّاني الصابئي نزيل بغداد ، فوصله محمد بالمعتضد وأدخله في جملة منجّميه (١)! فسنعود إليه بعد المعتضد.
المعتصم وخلق القرآن :
كان للرشيد : عبد الله المأمون ، ومحمد الأمين ، والقاسم المؤتمن ، ومحمد المعتصم ، ولهم غلمان يلتزمونهم إلى المكتب ذهاباً وإياباً ، واتفق أن مات غلام المعتصم ، فقال له أبوه : يا محمد مات غلامك؟ قال : نعم يا سيدي واستراح من الكَتّاب! فعرف الرشيد أنه لا يستريح إلى المكتب فقال لهم : دعوه! فلم يتعلم القراءة والكتابة إلّاضعيفاً (٢).
__________________
(١) مختصر تاريخ الدول لابن العبري : ١٥٢ ، ١٥٣.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٣٩٣.