ثمّ قال : يا إسحاق ؛ ألست ممّن يشهد أنّ «العشرة» في الجنة؟ قلت : بلى ، قال : أرأيت لو أنّ رجلاً قال : ما أدري هذا الحديث صحيح أم لا؟ أيكون كافراً عندك؟ (وهو من قضاة بغداد) قال : قلت : لا. قال : أفرأيت لو قال : ما أدري هذه السورة من القرآن أم لا ألا يكون كافراً عندك؟ قلت : بلى. قال : فأرى أنّ فضل الرجل (علي) يتأكّد!
ثمّ قال لي : يا إسحاق ، خبّروني عن حديث «الطائر المشوي» أغير صحيح عندك؟ قلت : بلى. قال : لا يخلو هذا من أن يكون (علي) كما دعاه النبيّ صلىاللهعليهوآله (أحبّ خلقه إليه) أو يكون (دعاؤه) مردوداً؟ أو عرف الله الفاضل من خلقه وكان المفضول أحبّ إليه؟ أو تزعم أنّ الله لم يعرف الفاضل من المفضول؟ فأيّ الثلاث أحبّ إليك أن تقول به؟!
قال إسحاق : فقلت : يا أمير المؤمنين ؛ إنّ الله تعالى يقول في أبي بكر : (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَاتَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا (١)) فنسبه الله إلى صحبة نبيّه صلىاللهعليهوآله.
فقال المأمون : سبحان الله! ما أقل علمك باللغة والكتاب! أما يكون الكافر صاحباً للمؤمن؟! فأي فضيلة في هذا؟! أما سمعت قول الله تعالى : (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (٢)) فقد جعله له صاحباً. وقال الهذلي شعراً :
ولقد غدوت وصاحبي وحشية |
|
تحت الرداء بصيرة بالمشرق! |
وقال الأزدي شعراً :
ولقد ذعرت الوحش فيه وصاحبي |
|
محض القوائم من هجان الهيكل |
__________________
(١) التوبة : ٤٠.
(٢) الكهف : ٣٧.