وكان متوسطاً طويل اللحية قد خالطه الشيب بل أشيب ، أسمر تعلوه صفرة ، واسع العين أحنى الظهر ، ضيق الجبهة وبخده خال أسود. مات في (١٨) رجب من عام (٢١٨ ه) (١) وهو دون الخمسين.
وبلغ خبر مصرعه إلى الرَّقة ، فعاد المحضَرون من بغداد إليها (٢).
ابن ماسويه وبختيشوع والأطبّاء :
مرّ عن المسعودي ذكر أطبّاء المأمون ومنهم ابن ماسويه وبَخْتْيَشُوع ، والأول هو يوحنّا ابن ماسويه ، والثاني جيورجيس بن بختيشوع ، وسائر أطبائه : زكريا الطيفوري وعيسى بن الحكم وجبريل الكحّال ، كان كحّال المأمون يدخل إليه أول من يدخل كل يوم ليكحّله! فخرج يوماً من عنده فسأله بعض موالي المأمون عنه فأخبره أنّه قد أغفى! فبلغه ذلك فأحضره وقال له : يا جبرئيل! اتّخذتك كحّالاً أو عاملاً للإخبار عنّي! اخرج من داري! وكان راتبه لكل شهر ألف درهم! فقال المأمون : ليُقتصر به على إجراء مئة وخمسين درهماً في الشهر ولا يؤذن له بالدخول عليه!
وكان المأمون داخل ملوك الروم أولاً وسألهم صلته بما لديهم من كتب الفلسفة ، فبعثوا إليه منها ما حضرهم ، فاستجاد لها مَهرة التراجمة وكلّفهم إحكام ترجمتها ، فتُرجمت له على غاية ما أمكن. ثمّ حرّض الناس على قراءتها ورغّبهم في تعلّمها وتعليمها. وكان يخلو بالحكماء ويأنس بمناظراتهم ويلتذ بمذاكراتهم!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ : ٦٥٠.
(٢) تاريخ ابن الوردي ١ : ٢١١ وفيه : ٢١٢ عن تاريخ المعرّي : أن قبر المأمون كان في باطن محراب جامع طرسوس فوقع المحراب على عهد الملك الرومي بسييل وكان بالبيضة والدرع والسيف فأخذ الملك سيفه وأمر بردّه إلى موضعه. وطرسوس طبعت خطأً طرطوس.