التقريب الرابع :
ما ورد في كلمات الشيخ الأعظم بصورة الإشكال وقال :
إن قلت : إنّ الأوامر الشرعية كلّها من هذا القبيل لابتنائها على مصالح في المأمور به فالمصلحة إمّا من قبيل العنوان في المأمور به ، أو من قبيل الغرض ، وبتقرير آخر المشهور بين العدلية : أنّ الواجبات الشرعية ، إنّما وجبت لكونها ألطافاً في الواجبات العقلية ، فاللطف هو المأمور به حقيقة ، أو غرض للأمر فيجب تحصيل العلم بحصول اللطف ولا يحصل إلا بإتيان كلّ ما شكّ في مدخليّته. (١)
وقرّره في الكفاية معتمداً عليه وقال : إنّ الغرض الداعي إلى الأمر لا يكاد يحرز إلا بالأكثر بناء على ما ذهب إليه المشهور من العدلية من تبعية الأوامر والنواهي للمصالح والمفاسد في المأمور به والمنهيّ عنها. وقد مرّ اعتبار موافقة الغرض وحصوله عقلاً من إطاعة الأمر وسقوطه ، فلابدّ من إحرازه في إحرازها. (٢)
ثمّ إنّ الشيخ الأنصاري أجاب عن الاستدلال بوجهين :
الأوّل : انّ جريان البراءة وعدمه في المقام ليس مبنيّاً على مذهب العدلية القائلين بتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد ، بل يجري على القول بعدم التبعية كما عليه الأشاعرة.
الثاني : انّ الإتيان بالأكثر ليس محصِّلاً للغرض على وجه اليقين ، لاحتمال دخل قصد الوجه في حصوله ، مع عدم التمكّن منه لاستلزامه التشريع ، وعلى ذلك لا قطع بحصول الغرض على كلا التقديرين.
__________________
١. الفرائد : ٣ / ٢٧٣.
٢. كفاية الأُصول : ٢ / ٢٣٢.