المقام الأوّل : في الجزء المشكوك
إذ اعرفت ذلك ، فاعلم أن القائلين بجريان البراءتين في الجزء المشكوك استدلوا بوجوه :
الأوّل : الأقل واجب إمّا نفسيّاً أو غيرياً
قال الشيخ الأعظم : إنّ العلم الإجمالي بوجوب الأقل أو الأكثر ينحل إلى علم تفصيلي بوجوب الأقل مطلقاً وجب الأقل أو الأكثر ، وشك بدويّ في وجوب الأكثر ، فتجري البراءة في المشكوك دون المعلوم ، أمّا كون الأقل واجباً على كلّ تقدير ، لأنّه لو كان الواجب هو الأقل ، يكون واجباً نفسياً ولو كان الواجب هو الأكثر يكون الأقل واجباً غيرياً ، فإلزام المولى في مورده مقطوع وفي غيره مشكوك. (١)
يلاحظ عليه بأُمور :
١. أنّه مبني على وجوب مقدّمة الواجب ، وقد فرغنا من عدم وجوبها بل لغوية وجوبها ، ولأنّ الهدف من إيجابها هو إيجاد الداعي ، فلو كان الأمر بذي المقدمة كافياً في الدعوة إلى ذيها ، لكفى في الدعوة إلى المقدّمة وإلا لما كان الأمر المقدمي داعياً إلى المقدمة.
٢. إذا قلنا بوجوب المقدّمة فإنّما نقول بوجوبها في المقدمات الخارجية ، أعني : فيما إذا كانت هناك اثنينية بين المقدمة وذيها ، دون ما إذا كانت المقدّمة نفس ذي المقدمة وكانت المغايرة بينهما اعتبارية.
٣. انّ غايته هو العلم بالوجوب الجامع بين النفسي والمقدّمي ، ومثل هذاوجوب انتزاعي يدركه العقل ، ومثل هذا لا يكون سبباً للانحلال ، لأنّ المراد من الانحلال هو العلم لوجوب الأقل شرعاً وجوباً مجعولاً لا وجوباً منتزعاً.
__________________
١. الفرائد : ٢٧٤.