والمؤدّى استقلالياً ، ولو كان تنزيل الطريق مكان القطع لأجل المدخلية في الموضوع يكون النظر إلى الواقع والمؤدّى نظراً آلياً ، وإليهما نظراً استقلالياً ، ولا يصحّ الجمع بين اللحاظين المتضادين من الواحد.
نعم لو كانت بين التنزيلين جهة جامعة ، وكان التنزيل لأجلها ، لتحقّق التنزيلان بتنزيل واحد ولكن المفروض عدمه ، فلا محيص إلا عن تنزيل واحد ، إمّا لأجل كونه حجّة ، أو لأجل كونه دخيلاً في الموضوع.
ثمّ أورد على نفسه بأنّ لازم ذلك أن يكون دليل التنزيل مجملاً غير دال على واحد من التنزيلين ، فأجاب بأنّ ظهوره في أنّه بحسب اللحاظ الآلي ممّا لا ريب فيه ، هذا لبّ مراده في الكفاية.
يلاحظ عليه : أنّ النظر إلى القطع والأمارة في كلا التنزيلين استقلالي بشهادة انّ المولى ينزِّل الأمارة منزلة قطع المكلّف ، ويلاحظهما على وجه الاستقلال سواء أكانت جهة التنزيل هي الحجية ، أو المدخلية في الموضوع ، غاية الأمر يلاحظ القطع في التنزيل الأوّل بما هو طريق ومرآة ، وفي التنزيل الثاني بما هو دخيل في الموضوع وانّه مؤثر في ترتّب الحكم وتحقّقه ، وليس هذان اللحاظان غير قابلين للجمع كما إذا نظر عند شراء المرآة إلى كيفية حكايتها وإراءتها وفي الوقت نفسه إلى شكلها وضخامة زجاجها وما حولها من الرخام.
وبعبارة أُخرى : انّ نظر القاطع إلى قطع نفسه طريقي محض ولكنّه ليس هو المنزِّل ، بل المنزل هو الشارع فهو ينظر إلى قطع المكلّف بنظر استقلالي من غير فرق بين ملاحظته من حيث إنّه مرآة وطريق ، أو من حيث إنّه دخيل في الموضوع ، فلو كان لدليل التنزيل إطلاق لما منع اللحاظان عن الشمول والاستيعاب ، وتنزيل الأمارة منزلة القطع الطريقي ، والقطع الموضوعي الطريقي. وبالجملة منشأ الخلط ، هو تصور انّ القاطع هو المنزل ، مع أنّه غيره.