الأطراف من دون التزام بمرتبة خاصة من الوهم ، فما دام وجود الحرام في كلّ واحد ـ إذا لوحظ وحده ـ موهوماً ، لا يعتني به العقلاء ولا يترتب على العلم بالتكليف في المجموع أثر.
ويلاحظ على الثاني : أنّ السبب لعدم تنجيز التكليف ليس مجرّد الموهومية بل الموهومية المستندة إلى كثرة الأطراف ، التي تُسبّب قلّة اهتمام العقلاء بالنسبة إلى ذلك الاحتمال ، فيكون الحجّة في الواقع هو بناء العقلاء في هذا القسم على موهومية التكليف ، لا مطلق الموهومية وإن كان مسبباً عن أمر آخر كما في مثاله.
٥. ما ذكره المحقّق النائيني بأنّ إذا بلغ أطراف الشبهة حدّاً لا يمكن عادة جمعها في الاستعمال في أكل أو شرب أو لبس أو نحو ذلك ، ثمّ قال : وليس عدم التمكن من الاستعمال عادة هو الملاك ، إذ ربما لا يتمكن عادة من ذلك مع كون الشبهة فيه أيضاً محصورة كما إذا كان بعض الأطراف في أقصى بلاد المغرب ، بل لابدّ من اجتماع الأمرين ، كثرة العدد ، وعدم التمكن من جمعه في الاستعمال ، وبهذا تمتاز الشبهة المحصورة عن غير المحصورة. (١)
وبالإمعان في كلامه يظهر انّ ما أورد عليه تلميذه الجليل غير وارد حيث قال : إنّ عدم التمكّن من ارتكاب الجميع لا يلازم كون الشبهة غير محصورة ، فقد يتحقّق ذلك مع قلّة الأطراف وكون الشبهة محصورة ، كما إذا علمنا إجمالاً بحرمة الجلوس في إحدى غرفتين في وقت معين فانّ المكلّف لا يتمكن من المخالفة القطعية بالجلوس فيهما في ذلك الوقت ، وكذلك لو تردّد الحرام بين الضدين في وقت معين. (٢)
وجه عدم الورود : انّ الإشكال إنّما يرد لو كان الميزان عدم التمكّن العادي
__________________
١. فوائد الأُصول : ٤ / ١١٧ ـ ١١٨.
٢. مصباح الأُصول : ٣ / ٣٧٥.