١. ادعاء شمول الخطابات الأوّلية له ( حرمته بالعنوان الأوّلي )
يمكن أن يقال : انّ متعلّق الخطابات الأوّلية ليس هو شرب الخمر الواقعي ، بل القدر الجامع بين مصادفة القطع للواقع ، ومخالفته له ، بأن يقال : انّ الحرام تحريك العضلات نحو شرب ما أحرز انّه خمر ، فيكون المتجرّي عاصياً حقيقة.
والدليل عليه : انّ متعلّق التكليف يجب أن يكون مقدوراً وليست المصادفة والمخالفة الواقعيتين تحت الاختيار حتى يتعلق التكليف بالمصادف دون المخالف ، فيجب أن يكون متعلّقه إرادة ما أحرز انّه من مصاديق الموضوع إذ هو الفعل الاختياري ، فتكون نسبته إلى المطابق والمخالف على حدّ سواء. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الأحكام تتعلّق بما تشمل على المصالح والمفاسد ، ولا شكّ انّ المفسدة قائمة بشرب الخمر بما هو هو سواء كان عالماً أو جاهلاً غير انّ الحكم الشرعي لا يتنجز إلا بالعلم ، فإذا كان كذلك ، فالخطابات الأوّلية لا تعمّ إلا شرب الخمر الواقعي ، لا شرب ما أحرز انّه خمر ، وإلا يلزم تعلّق الأحكام بالأوسع ممّا قام به الملاك.
وأمّا كون الإصابة وعدمها خارجتين عن الاختيار ، فقد عرفت أنّ الأُولى داخلة تحته ، نعم الخطاء وعدم الإصابة خارج عنه ، فلو قصد شخصان قتل إنسان فأطلقوا الرصاص فأصاب أحدهما دون الآخر ، يعاقب الأوّل لأجل قيامه بالفعل الاختياري من قتل إنسان بريء.
هذا كلّه حول حرمته حسب العنوان الأوّلي. بقي الكلام في حرمته بالعنوان الثانوي.
__________________
١. فوائد الأُصول : ٢ / ٣٧ ـ ٣٨.