يجاب : انّ تصحيح عبادته لا تتوقف على تخصيصه بالتكليف ، بل الأمر المتعلّق بالصلاة في الكتاب والسنّة كاف في التصحيح ، فانّ الذاكر والناسي يقصدان امتثال قوله سبحانه : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيل ) (١) والصلاة أمر مقول بالتشكيك ، تصدق على الفرد الواجد للسورة ، والفاقد لها وكلاهما ـ بما هما فردان للطبيعة ، غير انّ الواجب على الذاكر إيجادها في ضمن الفرد الكامل ، وعلى الناسي إيجادها في ضمن الفرد الناقص ـ إيجاد لنفس الطبيعة وامتثال للأمر الوارد في الكتاب والسنّة بلا حاجة إلى تخصيص الناسي بالتكليف.
وعلى ذلك فلو ذكر الناسي بعد أداء الصلاة انّه ترك السورة فصلاته صحيحة ، مجزئة لانطباق عنوان المأمور به على ما أتى ، وقد قام الإجماع على عدم وجوب صلاتين في وقت واحد.
٦. انّ هذا التقريب يوجب سقوط الأمر الظاهري ، وأمّا الأمر الواقعي المتعلّق بالصلاة بعامة أجزائها وشرائطها فهو باق.
يجاب : انّك قد عرفت في باب الإجزاء انّه ليس لنا إلا أمر واحد ، وهو بوحدته يبعث الذاكر والناسي والمصحّ والمريض والحاضر والمسافر ، ولأجل ذلك يعبر سبحانه عن صلاة المسافر ، بالتقصير ويقول : ( وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاة ) (٢) فالواجب في حقّ المسافر ، هو نفس الواجب في حقّ الذاكر ، غير أنّ له أن يقصّـرها ويقلِّلها من ركعاتها.
نعم يمكن امتثال هذا الأمر الواحد بصور مختلفة حسب اختلاف أحوال المصلي ، من الذكر والنسيان والصحّة والمرض.
__________________
١. الإسراء : ٧٨.
٢. النساء : ١٠١.